Page 247 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 247

‫‪245‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫رأى‬

     ‫هوامش قلقة للمتون البيضاء‬

       ‫(تأملات في الخيال العلمي‪،‬‬

‫د‪.‬فيصل الأحمر‬

   ‫على حواشي الجائحة) (الجزائر)‬

  ‫القائم وخيانة المغفلين والخبثاء‬                        ‫هنا يأتي دور كاتب الخيال‬                 ‫‪-1‬‬
  ‫الذين آمنوا بالخراب ومهدوا له‬                       ‫العلمي الذي التصقت به شبهة‬
‫فحإنيناعلسىناقلوخلي‪:‬ال‪،‬ح ّيحعيلىعاللىنالفصلواح!ص‪،‬‬  ‫العلم لكي تحرره من الوهم الذي‬       ‫كثي ًرا ما أجد نفسي أتراوح بين‬
                                                    ‫في الخيال‪ ،‬فوجد نفسه مسؤو ًل‬
     ‫الخيال هنا يتحول إلى رأس‬                       ‫عن الخيال الذي عليه ان يحارب‬       ‫التسليم بقيم الجماعة لأنها منتجة‬
       ‫مال ينطبق عليه توصيف‬                            ‫كل شبهات العلم الممكنة‪ .‬وقد‬      ‫لحياة بسيطة تقطف قبول الناس‬
                                                      ‫عرفنا على هامش الجائحة الكم‬      ‫جمي ًعا بلا عسر كبير‪ ،‬وبين الحفر‬
 ‫ماركس وإنغلز في «بيان الحزب‬                          ‫الكبير من الشبهات التي تحوم‬        ‫في أخاديد قيم لا ائتلاف حولها‪.‬‬
‫الشيوعي»‪ :‬رأس المال يتموقع في‬                                                           ‫قيم جديدة تبشر بشيء مختلف‪.‬‬
                                                                       ‫حول العلم‪.‬‬
  ‫كل مكان‪ ،‬يشتغل في كل مكان‪،‬‬                         ‫سيقول لنا إدموند هوسرل‪ :‬كل‬             ‫تعجبني رؤية ذلك السياسي‬
                  ‫يلج كل مكان‪.‬‬                      ‫وعي هو بالضرورة وعي بشيء‬             ‫الحذق الذي كان يقول‪« :‬إذا كنا‬
                                                     ‫ما تسلطه ذات ما على موضوع‬           ‫متفق ْين دائ ًما‪ ،‬وحول كل شيء‪،‬‬
 ‫كذلك هو الخيال‪ ،‬وهذا ما ينبغي‬                                                         ‫فلا بد أن هنالك واح ًدا منا لا يفكر‬
                            ‫له‪.‬‬                                             ‫محدد‪.‬‬      ‫أب ًدا»‪ .‬فمن منا ترى سيقبل بحمل‬
                                                   ‫سوف نتذكر أن هذا الكلام يشمل‬         ‫أمانة التفكير التي رفضتها حتى‬
           ‫‪-2‬‬
                                                      ‫تما ًما الخيال‪ .‬وسيقول العلماء‬                           ‫الجبال؟‬
  ‫أشتغل على ثقافة الخيال العلمي‬                     ‫«لا بد من وصف طرق عمل هذا‬              ‫الغالب لدى الناس هو توكيل‬
  ‫(في الأدب والسينما والفلسفة)‬                     ‫الوعي»‪ .‬لكي نقول نحن‪ :‬لوصف‬               ‫جهاز قضاء لضمان العدالة‪،‬‬
                                                    ‫هذا المسار علينا ان ندخل الدماغ‬    ‫وتوكيل ممثلين سياسيين لضمان‬
    ‫منذ ربع قرن أو أكثر‪ .‬وأكثر‬                     ‫ونتأمله من الداخل‪ .‬سيقول العلم‪:‬‬
‫سؤال تم طرحه عليّ هو هذا‪ :‬لماذا‬                      ‫المهمة صعبة عليّ‪ .‬فيجيب كاتب‬             ‫سياسة رشيدة‪ ،‬ثم توكيل‬
                                                                                        ‫مفكرين لحل كل معضلات العالم‬
   ‫نجد أعمال أدب الخيال العلمي‬                        ‫الخيال العلمي‪ :‬ابتعدوا جمي ًعا‪.‬‬
       ‫شحيحة في أدبنا العربي؟‬                                       ‫هذه مهمتي أنا‪.‬‬                  ‫الحالية والمستقبلية‪.‬‬
                                                                                             ‫ماذا عن الغد؟ هذه الصفحة‬
 ‫شخصيًّا‪ ،‬لا أومن تما ًما بالفكرة‬                    ‫لقد وصف ديريدا الكتابة بأنها‬      ‫البيضاء التي علينا أن نكتب عليها‬
  ‫التي تقول إننا أمة ظلامية‪ ،‬وإن‬                          ‫نوع من الخداع والخيانة‪،‬‬
   ‫السبب هو الإيمان بالخرافات‪،‬‬                                                                                ‫حكايتنا؟‬
 ‫والميتافيزيقا وما شاكل ذلك‪ .‬كل‬                         ‫والسؤال الواجب طرحه هو‪:‬‬             ‫من سوف نوكل يا ترى لكي‬
  ‫هذه التهم كلام سخيف جاء به‬                                ‫خداع ماذا وخيانة من؟‬          ‫نضمن غ ًدا ناص ًعا لا شية فيه‬
  ‫الفكر الاستعماري الذي يحتاج‬
                                                   ‫إذا كانت الإجابة هي خداع النظام‬                      ‫يسر الناظرين؟‬
     ‫إلى بنيات فكرية تبرر فكر ًّيا‬
   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252