Page 245 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 245

‫‪243‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫رأى‬

‫واليمن والممالك العربية الصغيرة‬     ‫مما قد يضطر القارئ لتصحيح‬                         ‫لفطاحل الفكر والأدب العربي فما‬
   ‫المتاخمة (والتي كان لكل منها‬     ‫ن‪5‬ف‪-‬سبهينممراا ُيرالجأخلااللكثايلرقورانءةل!تطعيم‬  ‫بالك بالعامة‪ ،‬بينما ينبغي للأمر‬
                                                                                      ‫أن يكون أكثر سهولة وعمليًّا عن‬
‫لهجته الخاصة المختلفه عن لهجة‬          ‫حديثهم باللغات الأجنبية من‬                                 ‫ذلك بكثير‪.‬‬
‫قريش بالمناسبة)‪ ،‬وقد حدث ذلك‬         ‫باب الوجاهة‪ ،‬فعلينا أن نعترف‬                     ‫‪ -3‬تتضاعف تلك المشكلة عندما‬
‫في وقت قصير ج ًّدا مما لم يسمح‬                                                        ‫تحاول أن تتحدث بالعربية‪،‬‬
                                          ‫أن ذلك قد يكون ضرور ًّيا‬                    ‫فأنت الآن مطالب بالقيام بكل‬
   ‫لها بالتطور مقارنة بما تمر به‬       ‫أحيا ًنا وخاصة أثناء الحديث‬                    ‫هذه العمليات الإعرابية والنحوية‬
    ‫سائر اللغات من تطور داخلي‬                                                         ‫المعقدة في ذهنك تزامنًا مع‬
    ‫ومن تلاقح خارجي يستغرق‬               ‫العلمي أو الثقافي‪ ،‬إذ تفتقر‬                  ‫صياغة ما تريد التعبير عنه من‬
                                     ‫اللغة العربية للكثير من المعاني‬                  ‫معا ٍن وأفكار‪ ،‬ولكن بلا فرصة‬
                  ‫مئات السنين‪.‬‬        ‫والمفاهيم التي تعبر عنها اللغة‬                  ‫كافيه لمراجعة كلامك وضبطه‬
  ‫‪ -7‬تحت دعوى القداسة‪ ،‬ظلت‬                                                            ‫نحو ًّيا‪ ،‬فانت ستقع في الكثير من‬
  ‫اللغة العربية بعد انتشارها على‬        ‫الإنجليزية مث ًل بشكل أكثر‬                                ‫الأخطاء لا محالة!‬
 ‫هذا النحو حبيسة النص القرآني‬        ‫بلاغة واتقا ًنا‪ ،‬والأمثلة على ذلك‬                ‫‪ -4‬ليس حال من يقرأ ن ًّصا‬
    ‫لقرون طويلة‪ ،‬ولم يسمح لها‬      ‫لا حصر لها‪ ،‬ويكفي أن تنظر إلى‬                      ‫مدو ًنا بالعربية أفضل بكثير‪،‬‬
‫ذلك إلا بدرجة بسيطة من التطور‬        ‫كم المصطلحات العلمية التي لا‬                     ‫فبسبب احتواء اللغة العربية على‬
 ‫لمواكبة العصور المتعاقبة مقارنة‬      ‫تجد لنفسها مراد ًفا مناسبًا في‬                  ‫حروف علة طويلة وافتقارها‬
 ‫بالوتيرة التي تطورت بها معظم‬                                                         ‫لصوت العلة القصير (مث ًل‬
                                                          ‫العربية‪.‬‬                    ‫ُقول في مقابل ُقل) فهو يحتاج‬
                ‫اللغات الاخرى‪.‬‬       ‫‪ -6‬بعكس معظم اللغات الحية‪،‬‬                       ‫لينطق بالشكل الصحيح إلى‬
‫‪ -8‬ساهم في ذلك أي ًضا الاحتلال‬                                                        ‫علامات التشكيل (من فتحة‬
                                       ‫لم يكتب للغة العربية التطور‬                    ‫وضمة وكسرة وشدة وسكون‬
   ‫العثماني للدول العربية والذي‬        ‫بشكل طبيعي‪ ،‬اذ كانت وقت‬                        ‫وتنوين إلخ‪ ،‬والتي أضيفت إلى‬
 ‫استمر أكثر من ‪ 400‬عام ن َّحت‬         ‫نزول القرآن مجرد لغة بدائية‬                     ‫اللغة العربية في العصر العباسي‬
‫فيه اللغة التركية نظيرتها العربية‬  ‫بسيطة تحتوي أبجديتها المكتوبة‬                      ‫واستخدمت حصر ًّيا لكتابة‬
                                       ‫على ‪ ١٨‬حر ًفا أو أقل‪ ،‬وكانت‬                    ‫القرآن‪ ،‬ولكنها لم تثبت نجا ًحا في‬
   ‫من الصدارة‪ ،‬لتجعل منها لغة‬        ‫تلك الأبجدية تفتقر للنقاط التي‬                   ‫الاستخدام الدوري‪ ،‬ربما لأنها‬
    ‫مهملة في مقابل التركية التي‬       ‫تميز بين حروف مثل «ب‪ ،‬ي‪،‬‬                        ‫تعقد المهمة وتجعل القراءة أكثر‬
‫أصبحت تعتبر اللغة الأرقى‪ ،‬كما‬          ‫ت‪ ،‬ث‪ ،‬ى‪ ،‬ء»‪ ،‬إذ كانت تكتب‬                      ‫بطئًا)‪ ،‬ولكن بدون هذه العلامات‬
‫وشهدت نفس الفترة أفول العلوم‬                                                          ‫يصبح مستحي ًل على من يقرأ أي‬
   ‫والفلسفة العربية والإسلامية‬            ‫جمي ًعا كنبرة «ى»‪ ،‬ونفس‬                     ‫نص بالعربية أن يحكم قراءته‬
  ‫(التي كان جل روادها من غير‬          ‫الشيء بالنسبة إلى حرفي «ط‪،‬‬                      ‫من أول مرة‪ ،‬إذ لا مناص من‬
   ‫العرب وبالأخص من الفرس)‬                                                            ‫أن يواجه ببعض الكلمات التي‬
  ‫التي كانت تزود اللغة بالمستجد‬         ‫ظ» و»س‪ ،‬ش» و»ص‪ ،‬ض»‬                            ‫يستحيل إدراك تشكيلها‪ ،‬وبالتالي‬
    ‫والمستحدث من ألفاظ وأفكار‬           ‫وحروف «ج‪ ،‬ح‪ ،‬خ» و”ف‪،‬‬                          ‫فهم دلالتها‪ ،‬إلا من سياق ما‬
                                      ‫ق‪ ،‬ع”! ولأن التدوينات الأولى‬                    ‫ياتي بعدها من كلام‪ .‬انظر مث ًل‬
                        ‫ومعا ٍن!‬        ‫للقرآن كانت بهذه الحروف‬                       ‫الى كلمة «قبل» والتي يمكن أن‬
       ‫‪ -9‬قامت الألسنة العربية‬       ‫غير المنقوطة (كما هو مبين في‬                     ‫و ُقبِ َل‬   ‫يووت ِقرِْقبا َب ٌلوَ‪.‬ل‪.‬ح إولَمق ْبعخ َ‪،‬نلافهولا َيقبَّبيَلسنوه َقُنق َاببِّ َ َلكل‬
   ‫المختلفه بتصحيح مسار اللغة‬        ‫الصورة)‪ ،‬فقد فرضت الحاجة‬                         ‫و ُق َب ٌل‬
      ‫بقدر الإمكان وحلت بعض‬        ‫لفهم معانيه اختراع النقاط‪ ،‬وكان‬
 ‫إشكالاتها عمليًّا بتبنيها للهجات‬       ‫ذلك في عهد الخليفة الأموي‬                      ‫من‬
     ‫لجأ معظمها لعملية التبسيط‬       ‫عبد الملك بن مروان في النصف‬                      ‫وسيلة لإدراك نطقها الصحيح إلا‬
 ‫المطلوبة للغة الفصحى‪ ،‬فنجد أن‬      ‫الثاني من القرن الأول الهجري‪.‬‬                     ‫بعد قراءة ما بعدها من كلمات‪،‬‬
 ‫كافة الألسنة العامية قد أسقطت‬       ‫وبعد انتشار الإسلام انتشرت‬
‫الإعراب (تشكيل الحرف الأخير)‬           ‫معه اللغة العربية على حالتها‬
 ‫فأصبحت معظم الكلمات العامية‬            ‫وتوسعت وأصبح لها شأن‬
    ‫تختم على السكون بدون تلك‬           ‫كبير كلغة الفاتحين المقدسة‪،‬‬
   ‫الحاجه المحبطة للبحث الذهني‬        ‫وذلك بعد أن كانت مجرد لغة‬
   ‫عن الإعراب والنطق الصحيح‬         ‫محلية لبعض قبائل بدو الحجاز‬
   240   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250