Page 238 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 238

‫العـدد ‪26‬‬                                                                  ‫‪236‬‬

                                ‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬                                                         ‫د‪.‬محمد سمير‬
                                                                                                    ‫عبد السلام‬
 ‫آخر قد يتداخل مع الأصل أو‬           ‫تمثل تجربة الشاعر‬           ‫وتجدد الخطاب الشعري الطليعي المعاصر‬
‫يكمله أو يجسد بعض تحولات‬                                              ‫رفعت سلام‪..‬‬
 ‫العلامات‪ ،‬أو الرموز الثقافية‪،‬‬    ‫المصري المبدع الراحل رفعت‬
                                 ‫سلام حلقة فريدة في مسيرة‬
    ‫والحضارية واستدعاء أثر‬
    ‫الصورة البلاغي على وعي‬           ‫التجريب في قصيدة النثر‬
  ‫الشاعر والمتلقي‪ ،‬ولاوعيهما؛‬         ‫الطليعية العربية‪ ،‬والتي‬
  ‫وأذكر في هذا السياق بعض‬
  ‫الصور‪ /‬العلامات التشكيلية‬       ‫تمتد جذورها من الاتجاهات‬
                                  ‫الحداثية العالمية‪ ،‬ثم استلهام‬
      ‫التي تواترت في دواوين‬     ‫بعض آليات ما بعد الحداثية في‬
    ‫رفعت سلام الأخيرة؛ مثل‬        ‫تداخل الأصوات‪ ،‬والتعددية‪،‬‬

      ‫الديناصور‪ ،‬والكركدن‪،‬‬            ‫واستبدالات الكتابة التي‬
  ‫وحورس‪ ،‬وإيزيس‪ ،‬ومقاطع‬              ‫تجلت بوضوح في ديوانه‬
   ‫من جسد المرأة‪ ،‬أو شعرها‪،‬‬       ‫حجر يطفو على الماء؛ وتعود‬
                                 ‫كتابة رفعت سلام إلى البلاغة‬
    ‫وعلامة الجعران‪ ،‬وغيرها‪.‬‬     ‫الإيحائية التي ميزت التوجهات‬
  ‫هكذا يؤكد نص رفعت سلام‬          ‫الطليعية في التجارب العالمية؛‬
                                 ‫مثل تجارب بودلير‪ ،‬وإليوت‪،‬‬
      ‫البنية الإشارية النصية‪،‬‬     ‫وباوند‪ ،‬وبريتون في تأكيدها‬
 ‫وتداعيات العلامة التي تذكرنا‬     ‫على البنية النصية الإشارية‪،‬‬
                                 ‫وتداعيات النص‪ ،‬واستشراف‬
     ‫بمفهوم إليوت عن الشعر‬          ‫عوالم اللاوعي؛ فض ًل عن‬
  ‫الحداثي الطليعي التي ترتكز‬     ‫استلهامه لأصوات من التراث‬
                                   ‫التاريخي العربي‪ ،‬والعالمي؛‬
    ‫على التداعي النصي الحر‪،‬‬         ‫فقد نجد عنده أصوا ًتا من‬
 ‫والغموض الذي ينشأ عن تلك‬        ‫عصور المماليك كما في ديوان‬
  ‫اللذة النصية نفسها؛ وهو ما‬    ‫إشراقات‪ ،‬وأصوا ًتا من التراث‬
 ‫سنجده في كتابة رفعت سلام‬         ‫المصري‪ ،‬أو اليوناني كما في‬
                                 ‫ديوان أرعى الشياه على المياه؛‬
   ‫منذ بواكيرها؛ حيث تحتفي‬       ‫كما أكدت تجربة رفعت سلام‬
  ‫بالسياق النصي الاستعاري‪،‬‬       ‫على بلاغة فضاء الصفحة منذ‬
                                  ‫ديوانه إشراقات‪ ،‬ثم اتسعت‬
     ‫ولذته الخاصة‪ ،‬وانتشار‬           ‫بلاغة فضاء الصفحة في‬
‫الدوال‪ ،‬وتحولاتها ضمن البنية‬       ‫كأنها نهاية الأرض‪ ،‬وهكذا‬
                                   ‫تكلم الكركدن‪ ،‬وحجر يطفو‬
   ‫الإيحائية للقصيدة النثرية‪.‬‬     ‫على الماء‪ ،‬وأرعى الشياه على‬
‫يفرق ت‪ .‬س‪ .‬إليوت ‪-‬في كتابه‬        ‫المياه؛ ورغم وجود مثل هذه‬
                                ‫التقنيات التشكيلية في الكتابات‬
   ‫فائدة الشعر وفائدة النقد‪-‬‬      ‫الدادية والسريالية فإنها هنا‬
    ‫بين كل من حالتي الرؤية‬      ‫اتصلت بدوال تراثية لها إيقاع‬
     ‫الخاصة التي قد تدل على‬         ‫معاصر‪ ،‬أو بتقنية الإكمال‬
 ‫تجربة صوفية قد لا يستطيع‬         ‫في تقسيمه للفضاء إلى عمود‬
    ‫المتكلم إبلاغها إلى شخص‬         ‫يبدو ممث ًل للمتن‪ ،‬وعمود‬
‫آخر؛ لما تحمله من رؤية تتسم‬
 ‫بالغموض الذاتي‪ ،‬وحالة اللذة‬
     ‫الإيجابية التي تميز شعر‬
   ‫الحداثة طبقا لخطابه؛ وهي‬
   ‫ليست رؤية‪ ،‬ولكنها حركة‬
 ‫تنتهي عند تنظيم الكلمات على‬

                   ‫الورق(‪.)1‬‬
   233   234   235   236   237   238   239   240   241   242   243