Page 241 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 241

‫‪239‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫الاستبدال الذي يؤكد بنية‬            ‫«أروض الهاوية‪ /‬حبل‬            ‫بار ًدا‪ /‬وقافلة تسير على‬
   ‫الفراغ السلبية في نوع من‬           ‫وبرتقالة وسكين وظل‪/‬‬            ‫المياه‪ /‬لا شيء جرى‪ /‬لا‬
‫الإيجابية التي لن تكتمل إلا إذا‬    ‫أراودها بحزمة من خرافات‬
 ‫كان مثل هذا الفراغ مؤقتًا في‬        ‫بهيجة‪ .. /‬أسميها باسمي‬                        ‫شيء»(‪.)5‬‬
                                   ‫وأمنحها جسمي‪ /‬وأمتطيها‬               ‫يؤكد الخطاب الحركة‬
                  ‫القصيدة‪.‬‬         ‫في البراري العاوية‪ /‬تنام في‬        ‫والصهيل في فضاء المياه‬
 ‫يقول رفعت سلام في قصيدة‬          ‫حضني طفيفة‪ ،‬شائكة‪ /‬تحلم‬        ‫الحلمي –إ ًذا‪ -‬بينما يكرر أي ًضا‬
                                  ‫بالركض في مراعي الصراخ‪/‬‬          ‫أنه لم يحدث شيء؛ ليوحي‬
                  ‫إشراقات‪:‬‬            ‫تقضم كسرة من قمر أو‬            ‫بأن المشهد الإشاري عند‬
 ‫«رمل رمادي‪ /‬وظل ناعس‪/‬‬             ‫نجمة مقددة وتحتسي سماء‬          ‫متغير دائ ًما‪ ،‬وربما يتجاوز‬
   ‫بلا مطر‪ /‬أجراس سوداء‪/‬‬            ‫من قهوة راجلة من التجلي‬            ‫الذات المدركة‪ ،‬وواقعها‬
  ‫هل كان الوقت قطي ًعا بر ًّيا‪/‬‬         ‫الصامت ثم تغفو‪.)6(»..‬‬       ‫باتجاه ذلك الفضاء الحلمي‬
   ‫يرعى جسدي المبسوط على‬            ‫لقد انتقلت الهاوية من حلم‬      ‫الذي يستدعي بداخله أخيلة‬
 ‫هاوية؟‪ /‬أم كانت يدها طائر‬       ‫اليقظة في الوعي المبدع للمتكلم‬        ‫تشبه كتابة السرياليين‬
‫بحر‪ ،‬رفرف في أعضائي مل ًحا‬        ‫إلى اتصالها بصوته الخاص‪،‬‬
‫وصفي ًرا؟‪ /‬أم كنت أحلق فوق‬       ‫ثم بروزها كفاعل في صيرورة‬                     ‫الأوتوماتيكية‪.‬‬
‫الماء وئي ًدا؟ وأحط على أجراس‬      ‫السرد الشعري‪ ،‬وحضورها‬            ‫ويؤكد رفعت سلام السرد‬
                                    ‫ضمن مجال المتكلم الواسع‬
                ‫سوداء؟»(‪.)7‬‬      ‫الذي يشمل الكوني‪ ،‬وفضاءات‬             ‫الشعري الذي يعزز من‬
   ‫ونعاين تكرار بنية السؤال‬         ‫ما وراء الواقع التي تعكس‬     ‫التجريب في بنية العلامة؛ فهو‬
‫حول الوقت‪ ،‬وصورة الهاوية‬            ‫المخاوف اللاواعية والبهجة‬     ‫يتتبع علامة الهاوية‪ ،‬وينتقل‬
  ‫كظاهرة في الوعي‪ ،‬وعالم ما‬           ‫أي ًضا في تداعيات النص‪.‬‬    ‫من تناقضها الذاتي الدلالي إلى‬
 ‫وراء الواقع‪ ،‬ثم يكرر الشاعر‬     ‫وقد نلاحظ ‪-‬في خطاب رفعت‬          ‫فاعليتها الخيالية الحلمية‪ ،‬ثم‬
‫بنية الأجراس السوداء؛ ليؤكد‬         ‫سلام الطليعي‪ -‬تواتر بنية‬      ‫وقوعها في حالة من المفعولية‬
    ‫حالة الاستبدال‪ ،‬وإضافة‬           ‫السؤال‪ ،‬وبنية السلب من‬
    ‫مدلول الذات للأجراس في‬         ‫داخل التداعيات‪ ،‬والإنتاجية‬          ‫والاتصال بعالم المتكلم‬
                                    ‫النصيَّة الموحية؛ فض ًل عن‬     ‫الداخلي‪ ،‬وبصور وتشبيهات‬
     ‫السياق الآخر من عملية‬                                         ‫من العناصر الكونية كالقمر‬
 ‫الإحالات النصية الديناميكية‬
                                                                          ‫والنجوم في المشهد‪.‬‬
                ‫في القصيدة‬                                            ‫يقول في قصيدة أروض‬

                                                                                    ‫الهاوية‪:‬‬

                                                                ‫هوامش الدراسة‪:‬‬

‫‪ -1‬راجع‪ ،‬ت‪ .‬س‪ .‬إليوت‪ ،‬فائدة الشعر وفائدة النقد‪ ،‬ت‪ :‬د‪.‬يوسف نور عوض‪ ،‬دار القلم ببيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1‬‬
                                                                          ‫‪ ،1982‬صص ‪.139 -138‬‬

   ‫‪Translated by: Michael Shaw, 4 .Read, Peter Burger, The Theory of Avant Garde, V -2‬‬
                                             ‫‪.53 .p ,1984 ,The University of Minnesota Press‬‬

      ‫‪Read, Henri Michaux, Selected Writings, Translated by Richard Eumann, A New -3‬‬
                                                           ‫‪.75 .p ,1968 ,Directions Book, USA‬‬

        ‫‪ -4‬رفعت سلام‪ ،‬تنحدر صخور الوقت على الهاوية‪ ،‬مجلة الكرمل‪ ،‬ع ‪ ،14‬أكتوبر‪ ،1984 ،‬ص‪.353‬‬
                             ‫‪ -5‬رفعت سلام‪ ،‬إشراقة السفر‪ ،‬مجلة كلمات‪ ،‬ع ‪ ،11‬يناير‪ ،1989 ،‬ص‪.132‬‬
                               ‫‪ -6‬رفعت سلام‪ ،‬أشياء صغيرة‪ ،‬مجلة الناقد‪ ،‬ع ‪ ،31‬يناير ‪ ،1991‬ص‪.47‬‬

                ‫‪ -7‬رفعت سلام‪ ،‬أروض الهاوية‪ ،‬مجلة الكتابة الأخرى‪ ،‬ع ‪ 5‬و ‪ ،6‬سبتمبر‪ 1993،‬ص‪.44‬‬
   236   237   238   239   240   241   242   243   244   245   246