Page 246 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 246

‫العـدد ‪26‬‬                             ‫‪244‬‬

                                     ‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬                         ‫بغية تحرير الكل الفكرة‬
                                                                           ‫[أعني صورة الزمن]‪،‬‬
‫متفرقة‪ ،‬وقام بعملية اللصق‬                ‫العشرين‪ ،‬وبدايات القرن‬
  ‫(لصق اللقطات) وتركيبها‬                ‫الحادي والعشرين‪ ،‬والتي‬         ‫وهذه الصورة بالضرورة‬
    ‫تركيبًا له طابعه الدلالي‪،‬‬        ‫تتمثل في ثقافات عدة‪ ،‬كثقافة‬         ‫صورة غير مباشرة‪ ،‬ما‬
     ‫وأسقط كل ما حدث في‬              ‫الحاسوب‪ ،‬وشبكات الإنترنت‬
     ‫كواليس النص الشعري‬                  ‫‪ INTERNET‬التي جعلت‬          ‫دامت مستخلصة من صور‬
     ‫من مسودات‪ ،‬وكتابات‬                ‫العالم مجرد قرية صغيرة‪،‬‬       ‫وحركة؛ فالمونتاج أي ًضا هو‬
  ‫أخرى للنص قبل أن تثبت‬                ‫ونلاحظ في نصوص رفعت‬          ‫التركيب والتنسيق لصور أو‬
   ‫هذه الكتابة التي ُق ِّدم بها‪،‬‬     ‫س َّلم تلك الإفادة من الأنواع‬     ‫حركة تقوم بتأليف صور‬
   ‫و َب َت َر ( َمن َتج) الصور التي‬  ‫الفنية الأخري كالمونتاج ‪.‬ففي‬
   ‫لا تتفق أو تناسب الحدث‬             ‫قصيدة (منية شبين) يقول‪:‬‬          ‫غير مباشرة للزمن‪ ،‬وهو‬
  ‫الشعري الزماني والمكاني؛‬           ‫« بيوت من طين وطيبة ناس‬          ‫«عملية التوليف‪ /‬التركيب‪،‬‬
    ‫فقد رصد مشهد البيوت‬
  ‫الطينية القديمة التي تفوح‬                  ‫لهم غصون وأوراق‬               ‫عملية اللصق والقطع‬
 ‫من أركانها عطور التواريخ‬               ‫خضراء‪ ،‬تسقط في الشتاء‬        ‫وتركيب اللقطات فى السياق‬
     ‫القديمة‪ ،‬وأرواح هؤلاء‬
    ‫الناس الطيبين‪ ،‬وقد أراد‬                  ‫وتنمو في الشفق لهم‬         ‫الطبيعي؛ ليطابق التقطيع‬
 ‫الشاعر أن يعلن عن انتشار‬                ‫أحيا ًنا‪ -‬أشواك عتيقة في‬        ‫الفني ويقوم على تحديد‬
  ‫العقم الاجتماعى بين أفراد‬                                          ‫اللقطات المختارة‪ ،‬واستبعاد‬
  ‫المجتمع الذى انهارت قيمه‬                  ‫نهارات القيظ الزاهقة‬       ‫اللقطة غير المرغوب فيها‪،‬‬
                                      ‫جدران تتكاثر بلا بذور‪ ،‬بلا‬      ‫وتزامن الصوت والصورة‪،‬‬
‫وأخلاقه‪ .‬وقد انشغل الشاعر‬            ‫ماء‪ ،‬بأنفاس النوم وهواجس‬       ‫وتحضير الموسيقا والمؤثرات‬
     ‫رفعت س َّلم باستخدام‬                                           ‫الصوتية»(‪ ،)7‬واستمد الشاعر‬
        ‫التصوير السينمائي‬               ‫الماشية‪ ،‬والنخيل أعمدة في‬   ‫من المونتاج السينمائي تقنية‬
                                                          ‫رواق‪،‬‬           ‫لبناء الصورة الشعرية‬
 ‫للتقريب بين الصور اللغوية‬
‫والصور المرئية‪« :‬فالتصوير‬                  ‫لها أذرع مرفوعة تمنع‬           ‫بوصفها أداة فنية من‬
‫السينمائي الذي يستطيع أن‬                      ‫السماء من السقوط‬       ‫أدوات السينما؛ لأن الخطاب‬
  ‫ينقل إلينا المشهد بحذافيره‬                         ‫المفاجئ»(‪.)8‬‬   ‫الشعري عند س َّلم‪ ،‬قد انفتح‬
 ‫كما يستطيع متابعة الحركة‬
‫في هذا المشهد‪ ،‬قد ساعد على‬            ‫إن استخدام المونتاج وسيلة‬        ‫على جميع الفنون الأخرى‬
                                       ‫للتعبير الشعري‪ ،‬قد تحقق‬        ‫وأفاد من أدواتها‪ ،‬وهذا إن‬
  ‫تقريب الشقة بين الصورة‬                ‫من خلال تركيب اللقطات‬
 ‫اللغوية والصورة المرئية‪ ،‬إذ‬           ‫في السياق الشعري لمطابقة‬         ‫دل على شيء‪ ،‬فإنما يدل‬
‫أمكن فيه التغلب على العنصر‬            ‫التقطيع الفني؛ فعمد الشاعر‬     ‫على قوة هذا الخطاب وثرائه‬
  ‫الزماني نهائيًّا‪ ،‬غير أن هذا‬          ‫إلى اختيار لقطات محددة‪،‬‬
                                                                        ‫الفني والدلالي‪ ،‬فقد حقق‬
    ‫النوع من التصوير الذي‬                 ‫واستبعد لقطات أخرى؛‬           ‫الشاعر من خلال إغراقه‬
   ‫ينقل إلينا الشيء متحر ًكا‬             ‫فنلاحظ أنه قد بدأ بلقطة‬         ‫في التجريب المستمر فى‬
‫(أو المكان متزامنًا)‪ ،‬أي الذي‬          ‫اختارها في قوله (بيوت من‬       ‫استخدام الصورة الشعرية‬
    ‫يستمتع بمقدرة كمقدرة‬                 ‫طين)‪ ،‬وقد ربط بين هذه‬          ‫إنتا ًجا شعر ًّيا يعتمد على‬
‫اللغة التصويرية‪ ،‬لا يتفق إلا‬           ‫البيوت التي تحتضن نا ًسا‬
 ‫مع نوع معين من التصوير‬                    ‫طيبين‪ ،‬وطيب ٍة‪ ،‬وصفها‬          ‫بلاغة المشهد‪ ،‬وتوليف‬
  ‫اللغوي نستطيع أن نسميه‬                  ‫الشاعر‪ ،‬وكأنها غصون‬       ‫علاقات بين اللقطات بعضها‬
                                      ‫أوارق خضراء‪ ،‬لشدة نقائها‬
                                          ‫وصفائها‪ ،‬ثم نلاحظ أن‬          ‫ببعض‪ .‬وقد التفت س َّلم‬
                                          ‫الشاعر قد جمع لقطات‬          ‫إلى التغيرات الحديثة التي‬
                                                                    ‫طرأت على الحياة بصفة عامة‬
                                                                       ‫في الربع الأخير من القرن‬
   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251