Page 247 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 247

‫‪245‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

   ‫يركض محاو ًل أن يقتحم‬        ‫البناء الشعري‪ ،‬فتبدأ اللقطة‬      ‫(التصوير السردي)»(‪.)9‬‬
     ‫صلوات الغائبين في الماء‬      ‫الأولى بالحديث عن حجر‬      ‫فيقول الشاعر في حجر يطفو‬
   ‫الغريب‪ ،‬يمثل شعر س َّلم‬        ‫يطفو على الماء‪ ،‬وهي جملة‬
     ‫تلك الصورة الحية التي‬        ‫مركزية بالأساس في بناء‬                        ‫على الماء‪:‬‬
    ‫تنبض بالحياة في مشهد‬         ‫القصيدة‪ ،‬فالحجر هو رمز‬             ‫«حجر يطفو على الماء‬
 ‫سردي يجمع بين تناقضات‬             ‫للشاعر الذي يطفو فوق‬              ‫الهوينى؛ أيها الزمن‬
 ‫الواقع بين الحجر‪ /‬الشاعر‪،‬‬        ‫سطح الحياة‪ ،‬ليكشف عن‬             ‫القاسي اتئد؛ قادم هو‬
‫والواقع الآسن الملغم بالأوبئة‬      ‫مأساة الذات الشاعرة في‬     ‫النسيان والسلوى‪ ،‬وأسراب‬
    ‫والمنابر الصاخبة بالجهل‬                                  ‫الخفافيش‪ ،‬سراب حتى مطلع‬
  ‫والخراب المستقر في جذور‬      ‫الحياة‪ ،‬وذلك من خلال رصد‬       ‫الفجر‪ ،‬خراب يتمشى وئي ًدا‬
   ‫الفكر القديم‪ .‬وفي ظني أن‬      ‫جزيئات أحزانها ومعاناتها‬      ‫في الشوارع‪ ،‬يصعد المنابر‪،‬‬
    ‫الشاعر رفعت س َّلم كان‬          ‫اليومية في ظل تخبطات‬          ‫بندقية مشرعة‪ ،‬وهراوة‬
     ‫ينتصر في قصيدته على‬                                       ‫مرفوعة‪ ،‬ما الوقت؟ كأنني‬
     ‫الواقع‪ ،‬ممس ًكا بأحجار‬    ‫العالم المحيط بها‪ ،‬فتطفو على‬      ‫حجر على ماء غريب»(‪.)10‬‬
   ‫تربك المتلقي وتهدد ذائقة‬    ‫سطح الفضاء الشعري صور‬                 ‫يطرح المقطع السابق‬
                                                                ‫مجموعة من اللقطات التي‬
      ‫التقليديين‪ ،‬ثم يتساءل‬     ‫مصغرة للكوابيس والهزائم‬           ‫تسهم في تكوين المشهد‬
‫الشاعر عن الوقت‪ /‬العصر‪/‬‬        ‫وأسراب الخفافيش والظلام‪،‬‬      ‫الشعري في صورة واضحة‪،‬‬
 ‫الزمن‪ ،‬وكأن الإنسان نفسه‬      ‫والخراب الذي يصعد المنابر‪،‬‬          ‫وفي الوقت نفسه يلجأ‬
‫يبحث عن ماء متجدد يسري‬                                           ‫الشاعر لحذف الكثير من‬
                                   ‫والبنادق المشرعة‪ ،‬لتقتل‬       ‫اللقطات الشعرية الغائبة‬
            ‫في عروق الزمن‬       ‫الطيور المجنحة‪ ،‬والهراوات‪،‬‬          ‫عن النص‪ ،‬مستخد ًما‬
                                ‫والماء الغريب‪ .‬تمثل اللقطات‬      ‫المونتاج كوظيفة فنية في‬

                                     ‫البصرية السابقة عالمًا‬
                                   ‫مشحو ًنا بالخوف والقلق‬
                                  ‫والحزن‪ ،‬فقد كان الشاعر‬

                                                                         ‫الهوامش‪:‬‬

                                      ‫* أستاذ الأدب العربي المساعد‪ ،‬كلية الآداب جامعة الوادي الجديد‪.‬‬
  ‫‪ -1‬أحمد سخسوخ‪ :‬التجريب المسرحي‪ ،‬مهرجان فيينا الدولي للفنون‪ ،‬مطابع هيئة الآثار المصرية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬

                                                                                        ‫‪ ،1989‬ص‪.1‬‬
                        ‫‪ -2‬صلاح فضل‪ :‬لذة التجريب الروائي‪ ،‬دار أطلس للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،2002 ،‬ص‪.3‬‬
  ‫‪ -3‬جوزيف ماشيللي‪ :‬التكوين في الصورة السينمائية‪ ،‬ترجمة هاشم النحاس‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‬

                                                                                         ‫سنة ‪.1983‬‬
‫‪ -4‬سلمي الخضراء الجيوسي‪« :‬الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث» ترجمة‪ :‬عبد الوهاب لؤلؤة‪،‬‬

                                         ‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،2001،‬ص ‪.757 -756‬‬
                                                           ‫‪ -5‬رفعت س َّلم‪« :‬هكذا قلت للهاوية» ص‪.5‬‬

        ‫‪ -6‬جيل دولوز‪ :‬الصورة‪ -‬الحركة‪ ،‬فلسفة الصورة‪ ،‬ت‪ :‬حسن عودة‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬المؤسسة العامة‬
                                                                   ‫للسينما‪ ،‬دمشق‪ ،‬سنه ‪ 1997‬ص‪.31‬‬
                                                                                 ‫‪ -7‬السابق‪ ،‬ص‪.65‬‬

                                                         ‫‪ -8‬رفعت س َّلم‪« :‬إلى النهار الماضي»‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪ -9‬محمد حمود‪« :‬الحداثة فى الشعر العربى المعاصر‪ ،‬بيانها ومظاهرها»‪ ،‬الشركة العالمية للنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

                                                                                      ‫‪ ،1986‬ص‪.94‬‬
                               ‫‪ -10‬رفعت س َّلم‪ :‬حجر يطفو على الماء‪ ،‬الأعمال الشعرية الكاملة‪ ،‬ص‪.267‬‬
   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252