Page 252 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 252

‫العـدد ‪26‬‬                             ‫‪250‬‬

                              ‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬                      ‫الصبور (‪١٩٨١ -١٩٣٠‬م)‬
                                                             ‫فقد خصص الفصل الثانيفي‬
     ‫"لوركا"‪ ،‬وتوقف أمام‬      ‫أكثر دقة من كلمة"المعمار"‪،‬‬
   ‫قصيدة للشاعر الفرنسي‬       ‫ثم قال‪" :‬ويبدو لي أن محك‬          ‫كتابه "حياتي في الشعر"‬
                              ‫الكمال في بناء القصيدة هي‬          ‫الذي صدر عام ‪١٩٧٢‬م‪،‬‬
     ‫"جاك بريفير" بعنوان‬      ‫احتواؤها على ذروة شعرية‪،‬‬           ‫لمناقشة قضية الشكل في‬
‫"عائلية"‪ ،‬ثم عاد لقصيدتين‬                                     ‫القصيدة الحديثة‪ ،‬وفيه يرى‬
                                 ‫تقود كل أبيات القصيدة‬          ‫أن القصيدة "بناء متدامج‬
   ‫لـ"كفافيس"‪" :‬تذكر أيها‬        ‫إليها‪ ،‬وتسهم في تجليتها‬          ‫الأجزاء"(‪ ،)12‬ويناقش‬
 ‫الجسد" و"رمادي"‪،‬وأخي ًرا‬                                     ‫صلاح عبد الصبور ما ورد‬
                                   ‫وتنويرها‪ ،‬وهي ليست‬         ‫في كتاب عز الدين إسماعيل‬
    ‫قصيدة "قوبلاي خان"‬        ‫ذروة بالمعنى الذي نجده في‬         ‫"الشعر العربي المعاصر"‬
‫لـ"كولردج"‪ .‬وهذه النماذج‬        ‫الدراما‪ .‬وإن كانت تحتوي‬        ‫في فصل بعنوان "معمارية‬
‫قد تحسب في نطاق القصائد‬       ‫عنص ًرا دراميًّا‪ .‬ولكنها أقرب‬     ‫الشعر المعاصر" وص ّدره‬

    ‫الغنائية‪ ،‬وقد تكون فيها‬       ‫ما تكون إلى ما اصطلح‬             ‫بقوله‪":‬التوفيق في بناء‬
    ‫"نزعة درامية" كما قال‬        ‫العرب على تسميته "بيت‬           ‫العمل الفني أصعب منا ًل‬
   ‫عز الدين إسماعيل‪ ،‬لكنها‬     ‫القصيد"‪،‬وما الاختلاف في‬           ‫من الوقوع على المضمون‬
  ‫من وجهة نظر صلاح عبد‬         ‫الأبنية إلا اختلاف في مكان‬        ‫الصالح"(‪ .)13‬ويرى عز‬
‫الصبور تتميز ببناء وتشكيل‬      ‫الذروة من القصيدة"(‪.)15‬‬         ‫الدين إسماعيل أن معمارية‬
 ‫مناسب للشعر الحديث‪ ،‬بما‬                                      ‫القصيدة الحديثةتنطوي على‬
  ‫امتلكت من "ذروة"‪ ،‬وبما‬           ‫ولعله من حسن حظنا‬          ‫"بنية درامية"يدخل التعقيد‬
    ‫توافر لها من "توازن"‪.‬‬             ‫ونحن نناقش رؤية‬        ‫عنص ًرا أساسيًّا فيها‪ ،‬والطول‬
    ‫لكن صلاح عبد الصبور‬
    ‫لم يشغل نفسه بمفهوم‬          ‫رفعت س َّلملقصيدته‪ ،‬أن‬             ‫شرط من شروط تلك‬
     ‫"تعدد الأصوات"‪،‬لكنه‬           ‫صلاح عبد الصبور قد‬        ‫الدرامية لكنه نسبي‪ ،‬ويستند‬
  ‫قال‪" :‬قد كتبت في سنوات‬          ‫اتخذ من الشعر العالمي‬      ‫إلى تفرقة "هربرت ريد" بين‬
                                    ‫مجا ًل لتطبيق نظريته‬     ‫إلياذة هوميروس والفردوس‬
      ‫إنتاجي الماضية كثي ًرا‬      ‫في التشكيل‪ ،‬فقد توقف‬
   ‫من القصائد‪ ،‬وطويتها لا‬         ‫عند قصيدة "في انتظار‬           ‫المفقود لميلتون "فالإلياذة‬
 ‫لسبب إلا لأن بناءها بدا في‬                                     ‫ملحمة بمعنى من المعاني‪،‬‬
    ‫نظري غير محكم"(‪.)16‬‬        ‫البرابرة" للشاعر اليوناني‬        ‫والفردوس المفقود ملحمة‬
 ‫لكني أعتقد أن عبد الصبور‬        ‫"كفافيس"‪ .‬وتوقف أمام‬          ‫بمعنى آخر‪ .‬الإلياذة طويلة‬
                               ‫قصيدة "الجيتار" للشاعر‬        ‫بسبب قصتها‪ ،‬ولكن قصيدة‬
                                                                 ‫ميلتون تدلنا على أنه كان‬
                                                              ‫هناك في عقله شيء أكثر من‬
                                                               ‫مجرد القصة"‪ ،‬وقد خلص‬
                                                               ‫ريد إلى أن "التوتر الذهني‬

                                                                  ‫الواحد" هو أساس هذه‬
                                                             ‫التفرقة بين القصيدة الطويلة‬

                                                                ‫والقصيدة القصيرة(‪.)14‬‬
                                                                 ‫لكن صلاح عبد الصبور‬
                                                                 ‫رأي مصطلح "التشكيل"‬
   247   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257