Page 240 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 240

‫العـدد ‪26‬‬                                ‫‪238‬‬

                                    ‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬                          ‫سليمان‪ ،‬وفريد أبي سعدة‪،‬‬
                                                                         ‫وعبد المنعم رمضان؛ فض ًل‬
  ‫صرا ًخا بر ًّيا وشاطئًا بحر ًّيا‬     ‫الصخور المتحركة والشبح‬             ‫عن تجليها عمو ًما في نتاج‬
    ‫وامرأة من غيوم حجرية‪..‬‬             ‫الذي يدق الباب؛ فض ًل عن‬
                                                                           ‫أحمد مرسي التصويري‬
      ‫كيف أعبر الآن ذاكرتي‪،‬‬              ‫مدلول الوقت الذي يبدو‬                    ‫وكتابات الخراط‪.‬‬
‫وأمضي كأني ما رأيت البحر‪..‬‬               ‫مؤج ًل؛ إذ ينتمي لليومي‬
 ‫كيف أسوي الجنون وطنًا أنا‬           ‫والمدني‪ ،‬ويحمل أي ًضا صدى‬             ‫وسنجد أن تجربة رفعت‬
‫مواطنه ومليكه الوحيد في غابة‬                                          ‫سلام أي ًضا تعزز من استدعاء‬
‫من الرماد في جبل لا يعصمني‬                   ‫الماضي في القصيدة‪.‬‬
                                         ‫ويؤكد نص رفعت سلام‬              ‫علامات اللاشعور الجمعي؛‬
  ‫من سوءاتي الشريرة‪ ..‬دمي‬              ‫المحتمل الدلالي طب ًقا لجوليا‬        ‫مثل الأطياف والغيلان‪،‬‬
  ‫مباح لذوي القربى واليتامى‬             ‫كريستيفا ‪-‬في كتابها علم‬              ‫والجنيات التي تذكرنا‬
‫والمساكين وعابري الطريق بلا‬             ‫النص‪ -‬حيث تشير بعض‬
‫التفات للعربات المارقة أو رنين‬      ‫الصور إلى مرجعيتها الشعرية‬          ‫بحكايات ألف ليلة‪ ،‬ولكن في‬
   ‫أجراس المترو عند إشارات‬            ‫الخاصة؛ مثل الصخور التي‬         ‫سياق تصويري مغاير للتراث؛‬
                                        ‫تحبو‪ ،‬والأشياء المراوحة‪،‬‬
                ‫المرور‪.)4(»..‬‬             ‫والطيف الذي يشير إلى‬          ‫فنص رفعت سلام يعزز من‬
     ‫ونعاين في النص اتصا ًل‬            ‫لحظات متباينة من الوقت‪.‬‬            ‫تحول العلامة وينتقل من‬
 ‫تصوير ًّيا موحيًا بين الزهرة‪،‬‬          ‫وقد نلاحظ تلك الاتصالية‬
   ‫والصرخة القديمة‪ ،‬والمملكة‬            ‫الكثيفة ‪-‬في خطاب رفعت‬           ‫الحكائي إلى الذاتي‪ ،‬واليومي‬
     ‫الذاتية‪ ،‬والغابة‪ ،‬والمدينة‪،‬‬    ‫سلام الطليعي‪ -‬بين العلامات‪،‬‬       ‫في حضوره الشعري؛ فالأشياء‬
      ‫وأصداء التراث‪ ،‬وبعض‬                ‫والاستعارات‪ ،‬والأماكن‪،‬‬
‫شخصيات الماضي؛ فض ًل عن‬                  ‫ورموز التراث المتداخلة‪،‬‬          ‫والعناصر الكونية تتحول‬
‫التناص مع بعض آيات القرآن‬                                             ‫داخل المتكلم ووقته الذي يشير‬
 ‫الكريم في سياق آخر‪ ،‬يوحي‬                  ‫والواقع اليومي المدني‪،‬‬
    ‫بتحول اللحظة الحضارية‬               ‫والغابات في سياق شعري‬            ‫إلى كينونته‪ ،‬واتساعها عبر‬
  ‫باتجاه نوع بهيج من الغربة‬             ‫تعددي واحد في اتصاليته‬         ‫حكايات قديمة وأزمنة أخرى‪.‬‬
    ‫الذاتية التي تنسج اتصا ًل‬                                          ‫يقول رفعت سلام في قصيدة‬
  ‫شعر ًّيا خا ًّصا بين العلامات‬           ‫النصية اللغوية الموحية‪.‬‬
 ‫العديدة‪ ،‬وتنسحب إلى الداخل‬          ‫يقول رفعت سلام في قصيدة‬               ‫تنحدر صخور الوقت إلى‬
                                                                                          ‫الهاوية‪:‬‬
            ‫في الوقت نفسه‪.‬‬                       ‫إشراقة السفر‪:‬‬
 ‫وقد يراوح نص رفعت سلام‬             ‫«فوردة الحمى تزهر في القلب‬         ‫«غيلان تتراقص في ظل القمر‬
‫بين كل من الحضور الصاخب‬                                                     ‫المظلم‪ ،‬أشباح أو جنيات‬

    ‫لعالم ما وراء الواقع الذي‬                                           ‫يصعدن من الآبار المسمومة‬
     ‫يذكرنا ببريتون‪ ،‬وهنري‬                                               ‫في منتصف الليل‪ ،‬فيخطفن‬
    ‫ميشو‪ ،‬وحالة الفراغ الذي‬                                           ‫الأطفال من النوم السحري إلى‬
‫يبدو منت ًجا للصور‪ ،‬ولكنها في‬                                          ‫مملكة الغرق‪ ..‬لا شيء‪ ،‬فراغ‬
  ‫حالة من السيولة التي تشبه‬                                              ‫العالم‪ ..‬الليل صخور راكدة‬
                                                                        ‫في منتصف الوقت‪ ،‬والثيران‬
                ‫أخيلة المياه‪.‬‬
       ‫يقول في قصائد أشياء‬                                                   ‫الليلية ترعى‪ ،‬والأشياء‬
                                                                           ‫مراوحة‪ ،‬ورياح تطفو ف ّي‬
             ‫صغيرة‪ /‬مياه‪:‬‬                                              ‫فاجعة‪ ،‬لا ماء‪ ،‬صخور راكدة‬
    ‫«صهيل على حافة البحر‪/‬‬                                                 ‫تحبو‪ ،‬لا شيء‪ ،‬سماء من‬
   ‫طفلة تلم الموج في حجرها‪/‬‬
    ‫وتشعله موجة موجة‪ /‬ثم‬                                                                  ‫أصداء‪..‬‬
   ‫تجري‪ /‬صفير بارد يجيء‬                                                 ‫أسمع خرخشة خلف الباب‪،‬‬

                                                                                            ‫فمن؟‬
                                                                         ‫هلا قمت لتبصر من يطرق‬

                                                                               ‫منتصف الوقت؟»(‪.)3‬‬
                                                                        ‫ثمة ديناميكية تبدو في صور‬
   235   236   237   238   239   240   241   242   243   244   245