Page 235 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 235

‫‪233‬‬                                                             ‫عبد العزيز حمودة‬
   ‫ينطلق سَّلم فى إبداعاته من رؤية وجودية‬
  ‫تقوم على فكرة "تعددية الأصوات"‪ .‬فالوجود‬                        ‫التي عبّر عنها في أحد‬
    ‫يكشف لنا‪ ،‬في تعبيره عن نفسه‪ ،‬أنه وليد‬                   ‫اللقاءات التليفزيونية‪ ،‬عندما‬
    ‫تجليات متعددة للحياة‪ ،‬وأن النص الشعري‬
   ‫هو أحد هذه التجليات‪ ،‬ولا يمثل سوى صوت‬                        ‫ذكر أنه ينفق الساعات‬
     ‫واحد فقط‪ ،‬لا كل الأصوات‪ .‬وبهذا المعنى‬                    ‫الطوال من أجل أن يكتب‬
      ‫يلجأ سَّلم إلى المشهدية بجانب التعبير‬                    ‫شيئًا لم يسبقه إليه أحد‪،‬‬
          ‫اللفظي‪ ،‬مستفي ًدا من تقنية المونتاج‬                  ‫حتى نفسه‪ .‬فهو في تح ٍّد‬
   ‫السينمائية‪ ،‬التي تتيح له حرية التحرك على‬                    ‫دائم مع المنجز الشعري‬
                                   ‫الصفحة البيضاء‬            ‫السابق عليه‪ ،‬وفى تح ٍّد مع‬
                                                               ‫نفسه من أجل تجاوزها‬
 ‫حرية التحرك على الصفحة‬        ‫الحياة وقضاياها الواقعية‬
      ‫البيضاء‪ ،‬بحيث يحقق‬                         ‫الراهنة‪.‬‬           ‫باستمرار‪ .‬إننا بهذا‬
                                                               ‫المعنى‪ ،‬أمام شاعر يكتب‬
 ‫نو ًعا من الجدلية البصرية‬       ‫ملامح القطيعة‬                  ‫للشعر نفسه وللتاريخ‪،‬‬
       ‫اللافتة بين الحروف‬     ‫الشعرية بين رفعت‬
                              ‫س َّلم والعالم اليومي‬             ‫لا للإنسان‪ ،‬الذى يبدو‬
‫المطبوعة على الصفحة وبين‬                                    ‫رمز ًّيا وشاحبًا في قصائده‪.‬‬
‫الفضاء الأبيض الذى يحيط‬          ‫للقارئ العادي‬
‫بها ويتخللها‪ .‬وبهذا المعنى‪،‬‬                                      ‫وحتى نقترب أكثر من‬
‫لا تأخذ قصائد س َّلم شك ًل‬         ‫‪ -‬الإغراق فى الشكلية‪:‬‬       ‫ملامح القطيعة الشعرية‬
  ‫نمطيًا واح ًدا مثل القصائد‬     ‫ينطلق س َّلم فى إبداعاته‬      ‫بين رفعت س َّلم والعالم‬
 ‫التقليدية‪ ،‬ولا يكون المعنى‬   ‫من رؤية وجودية تقوم على‬       ‫اليومي بشخوصه وأحداثه‬
‫الذى تحمله الجملة الشعرية‬       ‫فكرة «تعددية الأصوات»‪.‬‬          ‫الجارية‪ ،‬سنتوقف عند‬
                                  ‫فالوجود يكشف لنا‪ ،‬في‬      ‫بعض الملامح التي ساهمت‬
   ‫هو الهدف‪ ،‬ولكن‪ ،‬أي ًضا‪،‬‬     ‫تعبيره عن نفسه‪ ،‬أنه وليد‬
    ‫الإزاحات البصرية التي‬         ‫تجليات متعددة للحياة‪،‬‬           ‫في خلق هذه القطيعة‪،‬‬
‫يحققها الشاعر لهذه الجمل‪،‬‬     ‫وأن النص الشعري هو أحد‬          ‫التي من شأنها أن تسقط‬
   ‫بحيث يلهث القارئ‪ ،‬غير‬         ‫هذه التجليات‪ ،‬ولا يمثل‬      ‫س َّلم من الوعى الجمعي‪،‬‬
  ‫المدرب‪ ،‬ورائها من اليمين‬    ‫سوى صوت واحد فقط‪ ،‬لا‬           ‫وإن ظل حاض ًرا فى الوعى‬
    ‫إلى اليسار‪ ،‬ومن اليسار‬    ‫كل الأصوات‪ .‬وبهذا المعنى‬         ‫الثقافي للنخبة‪ ،‬تنهل منه‬
   ‫إلى اليمين‪ ،‬ومن أعلى إلى‬      ‫يلجأ س َّلم إلى المشهدية‬
 ‫أسفل ومن أسفل إلى أعلى‪.‬‬           ‫بجانب التعبير اللفظي‪،‬‬        ‫في ندواتها ومؤتمراتها‬
 ‫وأحيا ًنا تأخذ بعض الجمل‬      ‫مستفي ًدا من تقنية المونتاج‬      ‫ودورياتها المتخصصة‪،‬‬
                                 ‫السينمائية‪ ،‬التي تتيح له‬        ‫دون تفاعل حقيقي مع‬
      ‫الشكل العمودي‪ ،‬وفى‬
  ‫أحيان أخرى تأخذ الشكل‬
  ‫الحر‪ ،‬وأحيا ًنا يكون البنط‬
   230   231   232   233   234   235   236   237   238   239   240