Page 234 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 234

‫العـدد ‪26‬‬                           ‫‪232‬‬

                             ‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬                       ‫بلفت النظر إلى نفسها‪،‬‬
                                                                 ‫وطالب بحركة نقدية‬
             ‫رفعت س َّلم؟‬          ‫الحداثة‪ .‬فهو لا يعني‬
    ‫ربما تحتاج الإجابة إلى‬      ‫الغموض والتشظي بقدر‬        ‫تتأسس على أرضية ثقافية‬
    ‫دراسة طويلة ومتعمقة‪،‬‬     ‫ما يعنى البداهة والوضوح‪،‬‬                 ‫عربية خالصة‪.‬‬
 ‫لكن يظل الاحتفاء باليومي‬     ‫بنحو ما حدده ديكارت فى‬
  ‫ومخاطبة القارئ العادي‪،‬‬         ‫كتابه التأسيسي «مقال‬        ‫كما كتب د‪.‬سعيد توفيق‬
    ‫واحدة من أهم الأسباب‬                                   ‫أستاذ علم الجمال بجامعة‬
     ‫الفارقة بين الشاعرين‬         ‫عن المنهج»‪ .‬كما احتاج‬
 ‫الكبيرين‪ .‬ويكفى أن تعرف‬      ‫لسنوات أخرى عديدة قبل‬          ‫القاهرة مقالة هامة ينقد‬
‫رأى س َّلم فى جمهور عمرو‬     ‫أن يكتشف أن هناك شاع ًرا‬             ‫فيها المناهج الغربية‬
     ‫دياب ومحمد رمضان‬
  ‫حتى يتأكد لك عزوفه عن‬           ‫من رواد هذه المدرسة‪،‬‬        ‫الشكلانية مثل البنيوية‬
  ‫النجاح الجماهيري‪ ،‬وعدم‬           ‫أمجد ريان‪ ،‬يكتب عن‬         ‫والسيميوطيقيا‪ ،‬وخلا ًفا‬
    ‫اعتباره مقيا ًسا للنجاح‬  ‫الشاي والقهوة والزنجبيل‪،‬‬       ‫لحمودة‪ ،‬لا يرفض توفيق‬
   ‫من الأساس‪ ،‬بالرغم من‬         ‫ومروحة السقف‪ ،‬ومقعد‬        ‫الاستعانة بالمناهج النقدية‬
                                  ‫الصالة المتهالك‪ ،‬وكلها‬
      ‫الاختلاف الكبير بين‬       ‫مفردات يومية بسيطة لا‬            ‫الغربية حين دراسة‬
    ‫نجومية دياب ونجومية‬          ‫تتسق وشعرية الحداثة‬       ‫النصوص العربية بإطلاق‪،‬‬
     ‫رمضان‪ .‬وس َّلم‪ ،‬فيما‬     ‫التي تغرق في عوالم حلمية‬    ‫لكنه يميز بين مناهج تغرق‬
    ‫يبدو‪ ،‬يكتب للنخبة‪ ،‬تلك‬        ‫وكابوسية غامضة‪ ،‬ما‬
 ‫التي تتبنى معايير الحداثة‬   ‫دفعني إلى الاحتفاء بالشاعر‬      ‫في الشكلية وتقضى على‬
 ‫الشعرية ويمكنها أن تبذل‬                                   ‫روح النص‪ ،‬وأخرى تكون‬
‫الجهد من أجل أن تستوعب‬               ‫الكبير وكتابة مقال‬   ‫قادرة على سبر أغوار العمل‬
                                ‫نقدي عنه بعنوان «أمجد‬      ‫واستخراج المعنى والدلالة‬
       ‫الجماليات الكامنة في‬     ‫ريان وشعرية التفاصيل‬
   ‫نصوص شاعرنا الكبير‪،‬‬                                          ‫مثل الفينومينولوجيا‬
   ‫مهما كانت ملغزة‪ .‬يتأكد‬                    ‫الصغيرة»‪.‬‬                ‫والهرمنيوطيقا‪.‬‬
 ‫هذا الاستنتاج أي ًضا عندما‬   ‫والآن يحق لنا أن نتساءل‪:‬‬
                              ‫لماذا يتذوق القارئ العادي‬    ‫هذا‪ ،‬وقد احتاج كاتب هذه‬
     ‫نعرف دوافعه للكتابة‪،‬‬      ‫جماليات أمجد ريان بينما‬    ‫السطور لعدة سنوات تالية‬
                               ‫يعجز عن تذوق جماليات‬
                                                            ‫قبل أن يدرك أن مصطلح‬
                                                                ‫الحداثة الذى رو ّج له‬
                                                               ‫شعراء الحداثة لم يكن‬

                                                            ‫دقي ًقا أو موف ًقا في تعبيره‬
                                                            ‫عن هذا اللون من الشعر‪،‬‬

                                                                             ‫لأنه‪ ،‬في‬
                                                                            ‫الحقيقة‪،‬‬
                                                                       ‫يرجع فلسفيًّا‬
                                                                         ‫إلى ديكارت‪،‬‬
                                                                            ‫فيلسوف‬
                                                                        ‫القرن الثامن‬

                                                                               ‫عشر‪،‬‬
                                                                        ‫ويحمل معنى‬

                                                                             ‫معاك ًسا‬
                                                                            ‫لما قصده‬

                                                                              ‫شعراء‬
   229   230   231   232   233   234   235   236   237   238   239