Page 55 - مسيلة للدموع
P. 55
للمرة الثانية هذه الليلة يصدر الباب صوتا ،ذلك الباب حامل الأخبار وناقلها ،ولكن تلك المرة لم يكن
صوت الباب بالصوت ال ُم َطمِئن كالمّرة السابقة عندما حضر آسر ،تلك المرة أصدر الباب أصواتا
كالص ارخ ،كإشا ارت الإنذار ،أصواتا تشبه طبول الحرب ،تقرع الباب حتى تك ّسر.
قوات أمنية سوداء ُملَثّمة ،يزيد عددهم على عشرة أشخاص مدد ّجين بجميع أنواع الأسلحة ،وكأنهم ذاهبون
إلى حرب حقيقية.
كانت قوات الأمن قد عّينت أحد المخبرين لم ارقبة بيت آسر ،وآخر لبيت حورية ،وأي مكان من المتوقع
أن يذهب إليه آسر؛ حتى إذا حضر آسر إلى بيت حورية سارع ذاك المخبر بإبلاغ أجهزة الأمن ،فجاءت
بكامل قواتها الضعيفة التي تخشى من شاب واحد ،لدرجة أنها تُحضر قوات كاملة لاعتقاله.
اجتاح أف ارد الأمن المنزل ،وداهموه ،انتشروا في كل شبر فيه ،استيقظت مروة أخت حورية الصغيرة من
النوم وهي تصرخ من شدة الُذعر.
كلا من فاطمة وأم آسر كانتا بلا حجاب ،سارعتا بإحضار حجابهما ،ووضعتاه على أرسيهما ،وسريعا
اندفعت أم آسر بفزع نحو الغرفة التي يبّدل فيها ملابسه ،ووقفت بجسدها أمام الباب محاولة منع عناصر
الأمن من الدخول واعتقال آسر ،كانت تصرخ ،وتدعو عليهم بما يحمله قلبها من دعوات ،حاول جنود
الشرطة الملثّمين أن يبعدوها عن الباب ،لكنها رفضت ،حتى صفعها أحدهم كفا ،فسقطت على الأرض.
اندفعت أم حورية وحورية وفاطمة نحو الأم ،وأسندنها حتى تقف وهن تصرخن ،ولاتكّف ْن عن الدعاء على
الظالمين وتوبيخهم ،حتى هددتهم قوات الأمن بالتعدي عليهن واعتقالهن.
أحضرت قوات الأمن آسر ،ووضعوا القيود حول يديه ،وأمسكوه من ملابسه بقسوة ،وعاثت باقي القوات
في أرجاء المنزل فسادا وتدمي ار ،حيث قلبت المنزل أرسا على عقب.
فتّشت القوات في كل شبر من أرجاء المنزل؛ في أد ارج الملابس ،وتحت الأسّرة ،وحتى بين أطباق
الطعام ،سرقوا ما وجدوه من مال ،وبعض الكتب ،وجهاز (لابتوب) ،واشارة ( اربعة) كأح ارز ،وأخذوا معهم
آسر ،ورحلوا.
55
مسيلة للدموع