Page 51 - مسيلة للدموع
P. 51

‫اندفعت أمه مسرعة نحو الهاتف بمثل ح اررة بكائها التي لا تعرف سببه تحديدا؛ أهو نتيجة الفرحة بأنها‬
                                                                ‫سمعت خب ار عنه أم الفزع عليه؟ أوهما معا؟‬
                                                                                             ‫ردت بلهفة‪:‬‬

                                              ‫‪ -‬بني‪ ،‬أين أنت؟ كدت تقتلنا من القلق عليك‪ ،‬هل أنت بخير؟‬

      ‫‪ -‬أنا بخير يا أمي اطمئني‪ ،‬سأذهب بعد قليل إلى بيت حورية؛ لأ اركن سريعا ُهناك‪،‬هل تستطيعين أن‬
                                                                       ‫تُحضري لي بعض الملابس وحذاء؟‬

                                                ‫‪ -‬فو ار يا بني‪ ،‬فو ار‪ ،‬لا تتأخر‪ ،‬لا أُطيق الانتظار حتى أ ارك‪.‬‬

                                  ‫‪ -‬لن أتأخر‪ ،‬وأنتم أيضا لا تتأخرن‪ ،‬لن أستطيع المكوث هناك لمدة طويلة‪.‬‬

                                                                                       ‫‪ -‬مسافة الطريق‪.‬‬

      ‫كانت فاطمة وحورية تصيحان‪ ،‬وتل ّحان على أم آسر كي تعطيهما الهاتف؛ ليتحدثا مع آسر‪ ،‬ولكن الظرف‬
                                                           ‫لم يكن يسمح؛ فآسر يتحدث من هاتف عمومي‪.‬‬

                                              ‫‪ -‬سّلمي على حورية وفاطمة‪ ،‬أ اركن بعد قليل‪ ،‬السلام عليكن‪.‬‬

                                                                                 ‫‪ -‬وعلي َك السلام يا ُبَني‪.‬‬

      ‫هرولت الأم ومعها فاطمة وحورية؛ لإحضار بعض الأغ ارض‪ ،‬ثم انصرفنُيسابقن الزمن؛ للوصول سريعا‬
                               ‫لرؤية آسر‪ ،‬والاطمئنان عليه؛ كي تبرد نار قلوبهن‪ ،‬وين ازح من عليها هم ثقيل‪.‬‬

      ‫وصلن أمام البيت‪ ،‬وظنون الفرح تدق مع دقات الجرس أن الذي سيفتح لهن الباب هو آسر‪ ،‬وبركان من‬
                                         ‫الشوق تحمله أم آسر يدفعها دفعا إلى الداخل‪ ،‬ومعها ابنتها وحورية‪.‬‬

                         ‫فتحت أم حورية الباب‪ ،‬لم تنتظر أم آسر سماع الترحاب من أم حورية‪ ،‬وه ّمت تسأل‪:‬‬
                                                                                      ‫‪ -‬هل وصل آسر؟‬

‫‪51‬‬

                                                                                            ‫مسيلة للدموع‬
   46   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56