Page 50 - مسيلة للدموع
P. 50
ح ّل الليل ،الهدوء يخّيم على أرجاء المنزل ،وك ٌل يحاول التصنع بأن كل شيء على ما ُي ارم ،والتلفازيعرض
إحدى القنوات الإخبارية التي تغطي الأحداث السياسية والاجتماعية ،وتبث التظاه ارت باستم ارر ،وف
أثناء ذلك ظهر على امتداد الشاشة شريط أحمر عريض (نبأ عاجل :تصفية الطالب إسلام الكردي ،بعد
اعتقاله ،قبل دخوله لجنة الامتحانات اليوم).
صاحت أم آسر:
-إسلام الكردي،أليس هذا صيق آسر؟!
تقابلت عينا فاطمة وحورية ،وانفجرتا في البكاء من جديد ،مما جعل أم آسر تصرخ:
-ما الذي حدث يا فاطمة؟ تكلمي يا حورية؟
ظلت حورية تبكي بغير انقطاع ،وه َّمت فاطمة بالحديث ،فخالط حديثها بكاءها ،أخبرتها أن إسلام الذي
تمت تصفيته اليوم كان في لجنة آسر نفسها ،واعتُقل صباحا من الحرم الجامعي ،ولم يحضر الامتحان،
فقد آره أشرف زميلهم في اللجنة ،وكذلك آسر لم يحضر الامتحان.
صاحت الأم:
-هل اعتُقل آسر؟
-لا ندري ،لا أحد يعرف عنه شيئا.
ارتمت الأم على المقعد ،وانهارت من البكاء ،وحورية وفاطمة تواسيانها ،بينما تحتاج كلتاهما لمن يواسيها.
************
وبعد لي ٍل عاجز ،قليل الحيلة ،وبكاء هادئ يحاول أن يتخّفى ،ويختبئ خلف ستار العيون ،سمعن صوت
رنين الهاتف ،توقف البكاء فجأة ،ولم تجف الدموع بعد ،انقشع الهدوء ،وسرعان ما تحّول لضجيج مترقب
عندما صاحت فاطمة وحورية في الوقت نفسه:
-آسر!
50
مسيلة للدموع