Page 45 - مسيلة للدموع
P. 45
بدأت اختبا ارت نصف العام في الجامعات المصرية ،وقد ُعّلقت قوائم الطلبةالممتحنين التي لم ُيحذف منها
بعد أسماء عش ارت الشهداء ،أبت تلك القوائم إلّا أن تبقيهم أث ار فيها؛ ليكونوا شاهدين على نظام قتَل
الشباب وطلاب العلم ،وأحَرق زهو ار في ُعمر الصبا.
ُج ّهزت لجان الامتحانات ،وأبت هي الأخرى أن تُج ّهز إلّا وبها مقاعد فارغة ،كانت لشهيد أو معتقل أو
مخت ٍف قسريا لا ُيعرف مصيره بعد ،ولكن المعروف أن تلك المقاعد الآن خالية ،وقد ُكتب صاحبها
«غياب»!
تج ّمع كل الطلبة في لجنة الامتحانات ،با ٍق فقط خمس دقائق على بدء الامتحان ،ولكن الغريب أن ثلاثة
مقاعد إضافية فارغة :مقعد آسر ،ومقعد إسلام ،وأشرف ،بدأ أصدقاؤهم وزملاؤهم يتهامسون فيما بينهم،
ويتساءلون ع ّما منعهم من الحضور.
فجأة دخل أشرف إلى اللجنة وأنفاسه متسارعة ،لقد وصل في الوقت ،تحديدا با ٍق فقط ثلاث دقائق على
بدء الامتحان ،لكنه لم يكن مذعو ار لذلك السبب بل لم يفكر في الامتحان أصلا.
سأله أحد زملائه عن آسر واسلام ،رد بصوت مهزوز يظهر عليه الفزع جليا ،ابتلع لعابه ،وحاول أن
يهدئ أنفاسه المتلاحقة:
-إنني أريت إسلام قبل ثوا ٍن ،وقد كَّبله اثنان أو ثلاثة أشخاص يرتدون ًزّيا مدنيا ،لا أعرف من هم ،ربما
كانوا أف ارد أمن بغير الزي الميري ،وجهوا إليه بعض الضربات ،وساقوه إلى سيارة صغيرة ،لكنهم إلى أن
تركتهم لم يكونوا قد رحلوا بعد ،ربما أخذوا آسر أيضا ،لكنني لم أره.
اعتلى الغضب وجوه الجميع ،وبدأوا في الانفعال والحديث المستن ِكر:
-كيف لهم أن يختطفوا الطلاب من أمام لجان الامتحان هكذا؟!
-هذا جنون.
-أكان ذلك على م أرى ومسمع من الجميع؟
-وهل إدارة الكلية ستصمت على ذلك؟
45
مسيلة للدموع