Page 43 - مسيلة للدموع
P. 43
قف وُقل ثلاث م ار ٍت :يا لله ارء ،ثم اد ُن مني ،ودعني أخبرك بأن هذه المرة تم اعتقال هؤلاء الشباب من
إحدى صالات المطار ،فقد كانوا يستقبلون فريق كرة السلة العائد من بطولة خارجية لناديهم ال ُمف َّضل!
كان ارمي ذاهبا مع رفاقه من اربطة مشجعي النادي الأهلي إلى المطار؛ لاستقبال فريق كرة السلة العائد
من البطولة ،كالعادة مشهد الحشود يثير ُذعر الأجهزة الأمنية ،أي عدد متجمهر ولو بغرض التشجيع أو
بغر ٍض غير التشجيع يشّكل قلقا بالغا للدولة ،وتحدث المشادات والاعتداءات ،ومن ثَم الاعتقال.
صار الاعتقال كجرعة المخد ارت ،كلما اعتقلت واحدا أتت الرغبة الشديدة في اعتقال المزيد ،والا تفقد
صوابك ،وترتكب الكوارث والحماقات هنا وهناك.
لا يهم من تعتقل ،وماذا فعل حتى تعتقله ،وما هي جريرته ،اعتقله وحسب.
الاعتقال لدى العساكر والضباط صار إدمانا ،وانتشر في الدم ،حتى تلونت دماؤهم بلون الأسر
والاستعباد.
اعتقلت قوات الأمن أعدادا كبيرة من المشجعين ،أخذتهم بشكل مهين تحت سيل من اللكمات وال ُسباب
والعبا ارت البذيئة ،اقتادتهم نحو عربة الترحيلات ،وذهبت بهم إلى معسكر من معسك ارت الأمن المركزي،
حيث لا رقابة أو كشفا ُمسجلا فيه أسماء المعتقلين ،والدولة ليست مسؤولة قانونا عن أي معتقل يتم
احتجازه في مقر احتجاز غير رسمي ،إذن ،فليفعل الضباط ما يحلو لهم ،لن يسألهم أحد عما يفعلون.
وأنت؟ من أنت؟ أنت ُمستباح!
استمر الضباط والعساكر في تعذيب المعتقلين بكافة أنواع الإهانة والتنكيل حتى آ ِخر الليل ،بعدها أخذوا
عددا عشوائيا منهم ،وأطلقوا س ارحهم ،ولكن في الصح ارء ،وكأنهم يخبرونهم بأن ما حدث لهم مجرد تحذير
عابر ،لا تجمهر ،لا اربطة مشجعين ،والاعتقال للجميع.
أُلقي الشباب في الصح ارء ،لا أحد يعلم أين يتوجه ،الجو في الصح ارء بارٌد جدا ،ملابس الشباب خفيفة
وممزقة ،بعضهم ينزف من تأثير التعذيب ،الجميع يرتجف ،في برودة الجو ،ورهبة الصح ارء في خضم
الليل ،بالإضافة لهول ما حدث معهم ،كل تلك الأمور تدعو إلى الرجفة ..الشباب يرتجف ،والطغاة
نائمون على ريش النعام!
43
مسيلة للدموع