Page 48 - مسيلة للدموع
P. 48
-لا ،لم يرسل بعد ،لماذا تسألين؟
-آسر لم يحضر امتحان اليوم ،ظننت أنه قد أرسل جوابا ليخبرنا فيه أنه لن يستطيع الحضور.
فزعت فاطمة ،وقالت في ربكة:
-متأكدة أنه لم يحضر الامتحان؟ ربما حضر وانصرف سريعا فلم تستطيعي رؤيته.
كان من الصعب على حورية أن تحكي ما حكاه لها زميله أشرف ،لاسّيما أنها ما ازلت ترفض أن تصدق
أن ذلك قد حدث بالفعل ،فانفجرت بالبكاء.
صاحت فاطمة عندما أفزعها بكاء حورية ،وقالت:
-اهدأي يا حورية ،إنني آتية عند البوابة الرئيسية للجامعة ،انتظريني بالخارج.
قابلت فاطمة حورية عند بوابة الجامعة الرئيسية ،وكانت حورية ما ازلت تبكي ،ولم تتوقف بعد عن البكاء،
حكت لفاطمة ع َّما قاله لها أشرف زميل آسر عن اعتقال إسلام الذي لم يحضر الامتحان أيضا ،سكتت
فاطمة ،ولم تبِد أي تعبير ،وكأنالمشاعر السيئة جميعها تتنازع فيما بينها أيهما أحق أن تظهر ،حتى
انشغلت بالن ازع ،ولم يظهر أ ّي منها على تعابير فاطمة ،لكنها أشعلت حريقا مرّوعا بداخلها ،كانت نتيجته
البكاء ،ولا شيء غير البكاء ،فالدموع هي رجل الإطفاء الوحيد الذي حاول إطفاء ذلك الحريق ،لكنه
أشعله أكثر.
بعدما هدأتا قليلا ،اتفقتا على أن تذهبا معا لمنزل آسر ،حتى إذا ما تم التأكد من حدوث شيء له تكونان
بجانب أم آسر.
وما إن وصلتا البيت حتى تسارعت دقات قلبيهما ،ومع صعود كل درج من درجات السلم تزداد نبضات
القلب أكثر فأكثر ،ماذا سيقولان لأم آسر؟ وهل يخب ارنها أم لا؟ وكيف ستتلقى الصدمة؟
كلها تساؤلات أخذت نصيبا مفروضا من الاضط ارب والقلقحتى وصلتا إلى باب المنزل ،وقبل أن يقرعا
الجرس وجدا أم آسر تفتح الباب سريعا ،وتقول:
-فاطمة ،أهلا يا حورية ،سعيدة أن ِك أتي ِت مع فاطمة ،يالها من مفاجأة ارئعة ،طمئناني على آسر ،هل
تقابلتم؟ وكيف كان الامتحان؟
48
مسيلة للدموع