Page 63 - مسيلة للدموع
P. 63

‫في موقفنا هذا‪ ،‬أليست التكنولوجيا كلها عديمة الفائدة؟ أيتها التكنولوجيا الغبية‪ ،‬أما من اكتشاف لدي ِك‬
      ‫الآن؟ أما من اخت ارع بالأشعة تحت الحم ارء تلك التي تُستخدم في الرؤية الليلية‪ ،‬فنرى من خلالها آسر في‬

                                                             ‫زن ازنته المظلمة التي لا تعرف معنى الصباح؟!‬

      ‫نجحت حورية في أن تُنقذ جهاز التسجيل من تحت أنقاض السرير‪ ،‬وأن تنتشله من بين ُركام الأشياء‬
      ‫القديمة ال ُمخزنة معه‪ ،‬نفضت عنه الغبار بسرعة بدون إتقان‪ ،‬ولم تبا ِل باستنشاق كمية من الت ارب‪،‬‬

                                                                          ‫وأحضرت الشريط‪ ،‬وشغلته فو ار‪.‬‬

                                       ‫«أيتها الحورية الصغيرة‪ ،‬هل تسمعينني؟»‪ ،‬قالها آسر بصو ٍت ضاحك‪.‬‬

                       ‫ردت حورية على صوت آسر ال ُمس ّجل بصوت خافت مترقب ُيرغم البكاء على الصمت‪:‬‬
                                                                                          ‫‪ -‬نعم أسمعك‪.‬‬

                                                                       ‫‪-‬سلاُم الله علي ِك‪ ،‬ورحمته‪ ،‬وبركاته‪.‬‬
                                                                                 ‫‪ -‬بل سلامه علي َك أنت‪.‬‬

      ‫‪-‬إنه وحسب اتفاقنا أنك لن تستمعي إلى هذا الشريط إلّا إذا حدث لي شيء؛ استُشهدت أو اعتُقلت أو‬
         ‫اختارني الله لمهمة في السماء‪ ،‬أتذكرين؟ لا تس ِّمه مكروها؛ فإنه ليس كذلك‪ ،‬إن أمر المؤمن كله خير‪..‬‬

      ‫وبما أن ِك تسمعينه الآن‪ ،‬فمن المؤكد أنه قد حدث لي شيء‪.‬لا أعلم بالطبع نوعية الشيء الذي حدث وأنا‬
      ‫أسجل‪ ،‬لكنك الآن وأنتي تسمعين‪ ،‬فأنا أعلُم وأن ِت تعلمين‪ ،‬لذا أقول ل ِك‪ :‬لا تحزني‪ ،‬واستبشري ببيعنا الذي‬

                                  ‫بايعناه‪ ،‬كوني قوية ولا تُبالي‪ ،‬فأنا أيضا لا أبالي‪ ،‬مهما يكن ما سيحدث لي‪.‬‬
      ‫إنني اخترُت الطريق منذ البداية‪ ،‬واخترت ِك أن ِت من بين كل البشر؛ لتسيري معي فيه حتى النهاية‪ ،‬ألم نكن‬
      ‫نعلم بوعورة الطريق وقسوته؟ ألم نكن نعلم بآلامه وتضحياته؟ ألم نكن نعلم أيضا أ ّن العاقبة للم ّشائين فيه‬

                                                                  ‫بالحق حتى تمكين الحق أو الموت دونه؟‬
                                                                                             ‫بلى َعِلمنا‪..‬‬

‫‪63‬‬

                                                                                            ‫مسيلة للدموع‬
   58   59   60   61   62   63   64   65   66   67   68