Page 66 - مسيلة للدموع
P. 66
في أحكام الدين من لم يستطع أن ُيصلي واقفا يُص ِّل جالسا ،ومن لم يستطع أن يصلي جالسا فبعينيه،
إذن سيصلي آسر ُمحركا عينيه فقط ،بدون وضوء أو تيمم أو حتى ِقبلة.
سمع آسر صوت خطوات قادمة ،شعر بانقباض في قلبه ،مع أنه يسمع أصوات العساكر ودبيب أقدامهم
طوال اليوم ،لكنه شعر بأن تلك الخطوات القادمة هذه المرة خطوات طاغية أخذتها الِعّزة بالإثم ،وقد
صدق.
«النجس»..
«الإبليس الكبير»..
«معلم الشياطين»..
كلها أسماء كان يطلقها المعتقلون الذين مروا من هنا من قبل واصفين إياه ،نادى ذلك الإبليس على
بعض صبيانه قائلا:
-أين كرم الضيافة أيها البهائم،أحضروه لغرفة الاستقبال.
أمسكه اثنان بقسوة ،أ ْحَنيا أرسه أرضا ،وكان ثالثهم له مهمة دفع آسر وضربه ،ولا تعلم ماجدوى أن يمسك
اثنان بشخص ُمقيد معصوب العينين ليحضروه إلى غرفة الاستقبال؟ بل ما جدوى ثالثهم الذي يدفعه من
الخلف !
تفُّنن في الإهانة إلى حد الغباء !
أجلسوه على كرس ّي معدني ،فكوا القيد الذي بين يديه ،وربطوا كل يد منفردة على مسند الكرس ّي المعدني،
وربطوا كلتي قدميه بأرجل ذلك الكرسي.
دخل الضابط ،وبيده صاعق الكهرباء ،وضعه على الكرس ّي المعدني الملتصق بجسد آسر فصعق أرجاء
جسده كله ،صرخ آسر بقوة ،ضحك الضابط ضحكة خبيثة ،وقال بمكر:
-لا تقلق ،كنت فقط أجرب كفاءة الصاعق ،إذن ،هيا تكلم.
َرّد آسر بصوت ُمن َهك:
-عن ماذا أتكلم؟
66
مسيلة للدموع