Page 67 - مسيلة للدموع
P. 67
و ّجه صاعق الكهرباء ل أرسه مباشرة هذه المرة ،صاح آسر مرة أخرى بص ارخ أعلى.
قال الضابط:
-لا تُماطل؛ فلن تكسب سوى مزيد من العذاب ،وستتحدث بكل شيء في النهاية.
كان مجرد التفكير في أن يعترف آسر ولو بكلمة واحدة أم ار مستحيلا بالنسبة إليه ،لكنه في نهاية الأمر
بشر ،وقد ُخلق الأنسان ضعيفا ،وأي أحد مكانه ست اروده فكرة الاعت ارف ولو لوهلة.
إنسان ُمقيد ،مسلوب الحرية ،غارق في زنازين التعذيب المظلمة بدون سترة نجاة ،أو حتى صفا ارت إنذار،
اصطدمت سفينته بجليد الألم الذي فتق السفينة نصفين ،حتى غرقت في بحر الاعتقال ،ظلمات بعضها
فوق بعض ،حتى إذا أخرج يده لم يكد ي ارها ،ولم يب َق ضوء حوله إلا نور الله الساكن في أرجاء قلبه.
استطرد الضابط قائلا:
-من معك؟ لا تتصنع المروءة ،فلن ينفعك أحد.
رد آسر بصوت مهدود:
-كان معي إسلام الكردي.
أحس الضابط بنشوة انتصار لم يتوقعها ،فقد ظن أن آسر أعند من أن يعترف بصعقتين خفيفتين من
الكهرباء ،أشار الضابط للعسكري الذي معه بأن يسجل المعلومات التي يبوح بها آسر ،وقال:
-ممتاز ،ممتاز ،بدأت تفهمني ،أكمل حديثك ،من هو إسلام الكردي؟
-طالب معي في الكلية.
-وأين يسكن؟
-غّير مسكنه ليلة أمس ،لا أعرف عنوانه الجديد ،فقد اعتقلتموني قبل أن أزوره.
-ولماذا غّير مسكنه؟
67
مسيلة للدموع