Page 38 - m
P. 38

‫شكسبير‬                    ‫ما ضرورة أن يقوم المترجم بإجهاد‬

  ‫ترجمة جبرا إبراهيم جبرا‬                             ‫نفسه في باب تقصي الأخطاء؟‬

   ‫أأكون أم لا أكون؟ ذلك هو السؤال‪ .‬أمن‬           ‫وهل لمثل هذه الفوارق أن تشكل‬
          ‫الأنبل للنفس أن يصبر المرء على‬           ‫فر ًقا في فهم النص؟ الجواب على‬
             ‫مقاليع الدهر اللئيم وسهامه‬
                                                 ‫السؤال الأول هو على الأرجح أن من‬
        ‫أم يشهر السلاح على بح ٍر من الهموم‪،‬‬
                ‫وبصدها ينهيها؟ نموت‪ ..‬ننام‪..‬‬      ‫الضروري بالنسبة إلى نقد الترجمة‬
                                                 ‫باعتبارها ف ًّنا أدب ًّيا مؤثًرا أن يتصدى‬
    ‫وما من شي ٍء بعد‪ ..‬أنقول بهذه النومة ننهي‬
             ‫لوعة القلب‪ ،‬وآلاف الصدمات التي‬              ‫للمقارنة بين الأصل وترجمته‬

‫من الطبيعة تعرض لهذا الجسد؟ تلك غاي ٌة ما أحر‬       ‫لتقديم دلائله وأحكامه ولترسيخ‬
                     ‫ما تشتهى‪ .‬نموت‪ ..‬ننام‪..‬‬
                                                   ‫موازين أدبية لهذا الحقل الأدبي‪.‬‬
      ‫ننام‪ -‬وإذا حلمنا؟ أجل لعمري‪ ،‬هنا العقبة‪.‬‬
          ‫فما قد نراه في سبات الموت من رؤى‪،‬‬      ‫الجواب على السؤال الثاني هو على‬
           ‫وقد ألقينا بفانيات التلافيف هذه عنا‪،‬‬                       ‫الأرجح نعم أي ًضا‪.‬‬
                               ‫يوقفنا للتروي‪.‬‬
             ‫ذلك ما يجعل طام ًة من حيا ٍة كهذه‬      ‫أح ٌد على المذلات‪ ،‬والمشقات الراهنة‪ ،‬ولا على بغي‬
                                                 ‫الباغي‪ ،‬ولا على تطاول الرجل المتكبر‪ ،‬ولا على شقاء‬
    ‫وإلا فمن ذا الذي يقبل صاغ ًرا سياط الزمان‬
                                     ‫ومهانته‪،‬‬         ‫الحب المرذول‪ ،‬ولا على إبطاءات العدل‪ ،‬ولا على‬
                                                   ‫سلاطة السلطة ووقاحة القدرة‪ ،‬ولا على الكوارث‬
       ‫ويرضخ لظلم المستبد‪ ،‬ويسكت عن زراية‬           ‫التي يبتلى بها ال َح َسب الصحيح والمجد الصريح‪،‬‬
                                   ‫المتغطرس‪،‬‬
                                                     ‫بفعل الجهلة وتهجم السفلة‪ ،‬وفي وسع المرء أن‬
    ‫وأوجاع الهوى المردود على نفسه ومماطلات‬           ‫يترخص في الابتعاد فيسلم من كل هذه الرزايا‬
                                      ‫القضاء‬      ‫بطعنة واحدة؟ من خنجر في يده‪ .‬من الذي يرضى‬
                                                 ‫بالبقاء راز ًخا تحت الحمل دائم الأنين‪ ،‬مستنز ًفا ماء‬
         ‫وصلافة أولي المناصب والازدراء الذي‬       ‫الجبهة من الإعياء؟ لولا أنه يتقي أم ًرا وراء الحياة‪،‬‬
                                                    ‫البلد الم ْج َهل الذي لم يستكشفه باحث‪ ،‬ولم تتخط‬
                                                    ‫تخومه قدم سائح‪ ،‬يحدون أن نؤثر الصعب بين‬
                                                 ‫أهلنا‪ ،‬على السهل بين قوم لا نعرفهم‪ -‬من ثم ق ِو َي‬
                                                 ‫الضمير وجعلنا كلنا جبناء‪ ،‬ثم تحول الزهو في لون‬
                                                    ‫العزيمة إلى شحو ٍب بفعل التفكير‪ ،‬من ثم صودم‬
                                                   ‫التصميم على كل أم ٍر عظيم‪ ،‬فانحرف عن طريقه‪،‬‬

                                                                   ‫ثم بطل ولم يج ُدر باسم العمل‪.‬‬
   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43