Page 39 - m
P. 39
37 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
غشوة من الوهم (.)1956 ،.Nietzsche F يلقاه ذو الجدارة وال َج َلد ِم ْن كل َم ْن لا خير فيه
يبدأ هاملت من الاختيار بين الكينونة في هذا العالم لو كان في مقدوره تسديد حسابه
وبين عدمها ،ثم يفاضل بين الاستسلام وبين بخنج ٍر مسلول؟ من منا يتحمل عبأه الباهظ
المواجهة .ينتقل بعد ذلك إلى السؤال عن الموت وفي لاهثًا ،يعرق تحت وق ٍر من الحياة،
نهاية حواره مع نفسه يصل إلى قناعة مفادها أن
التفكير والتأمل يقمعان الفعل كما أسلفنا .يعرف لولا أن الخوف من أم ٍر قد يلي الموت،
ذلك القطر المجهول الذي من وراء حدوده لا يعود
كل من قرأ هاملت أهمية هذا المشهد في البناء
الدرامي العام للمسرحية .إذا تمعنا في لغة شكسبير مساف ٌر ،يثبط الإرادة فينا
ويجعلنا نؤثر تحمل المكروه الذي نعرفه
الجزلة التي ما زالت حية إلى ح ٍد كبير فإن أول ما على الهرب منه إلى المكروه الذي لا نعرفه
يجلب الانتباه هو أن الفعل « ”to beفي العبارة ألا هكذا يجعل التأمل منا جبناء جمي ًعا،
“ ”to be or not to beفي الإنجليزية يمكن أن
وما في العزم من لو ٍن أصي ٍل يكتسي
يكون للمفرد أو الجمع .ترجمها مطران إلى :أكو ُن بصفر ٍة عليل ٍة من التوجس والقلق،
أو لا أكون؟ وترجمها جبرا إلى :أأكون أم لا أكون؟ ومشاريع الوزن والشأن ينثني
مجراها اعوجا ًجا بذلك
بشكل يمكن أن يوصف بالأكثر حدة لاستخدامه وتفقد اسم الفعل والتنفيذ.
همزة الاستفهام تأكي ًدا على صيغة السؤال .لكن
يمكن أن تترجم أي ًضا إلى :أن نكون أو لا نكون، اعتقد فريدريك نيتشة أن التراجيديات توفر لنا
وسأعود لاح ًقا لتوضيح أرجحية هذه الصيغة. شيئًا من العزاء والسلوان الميتافيزيقي مبعثه
يمكن أن يفهم من خلال تنقيط النص الأصل أن
التركيب في هذا المقتطف هو كالآتي :إما نكون أو لا الإحساس بأن الحياة رغم آلامها ومرورها العابر
نكون -وهنا السؤال هو؛ إذا كان من اللائق عق ًل تبقي في لبها بهيجة جامحة .بإدراك هذا وبالفن
أن نصبر على رمي الزمان «اللئيم» وسهامه أم أن وحده نجت الإغريق من الأهوال التي أصابتها.
نشهر السلاح ضد بحر «الهموم» ذاك وبالتصدي أشار الفيلسوف الألماني إلى إن هاملت في واقع
الأمر تجسيد ديونيسي (نسبة إلى إله الإغريق
له نضع نهايته؟
لا يظهر أن المترجم ْين (مطران وجبرا) أول َيا اهتما ًما ديونيسوس) لمبدأين الأول هو أننا غير قادرين على
تغيير المحتوم والثاني هو أن التفكر والتأمل يقتلان
كبي ًرا إلى التنقيط في النص الأصل ،ومع هذا تميز
كل منهما بتركيب يستعير من شكسبير تعقيد بناء الفعل وأن الإقدام على القيام بفعل معين يتطلب
عباراته الشعرية.
إذ تتحول ( )1الـ
(outrageous
)fortune
إلى”الدهر اللئيم”
على لسان جبرا،
وإلى “الحظ
الأنكد” على
لسان مطران
وكذلك تتحول
(a see of" )2
"troubles
إلى “بح ٍر من