Page 23 - m
P. 23
21 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
قاص ًرا في حل إشكال الروايات الغريبة أو المختلف ومختلف الحديث وغريبه»(.)6
عليها؛ ونود أن نؤكد على أن الأمر هنا لا يتعلق يهمنا من هذين التعريفين نقطتين متصلتين ،الأولى
بكهنوتية في علوم الدين بقدر ما يتعلق بتراكمية
تتعلق بطرق تحمل رواية الحديث الشريف ،حيث
المعرفة لدى الشيخ /الأستاذ ،فر َّب حامل فقه إلى اتفق علماء الحديث الشريف على أن أعلى طرق
من هو أفقه منه. تحمل الحديث وروايته هي السماع من الراوي
(السماع من الشيخ) ،وأدناها «الوجادة» أي أن
وتأسي ًسا على ما سبق ،فقد اقترح علماء الحديث يجد الباحث رواية ما مكتوبة ،وقد أجاز بعض
الشريف خطوات منهجية لفك إشكاليات الروايات
المختلف حولها أو الغريبة؛ وتتلخص هذه الخطوات علماء الحديث روايته عن هذا الطريق (الوجادة)
بشرط معرفة صاحب الخط والكتاب ،ولكنه يعد
فيما يلي: من باب الحديث المنقطع .أما العمل أو الاستدلال به
-1جمع النصوص والروايات المتعلقة بالمسألة. فذهب أغلب المالكية بعدم جواز العمل والاستدلال
-2ترتيب هذه الروايات وقراءتها بشكل يعطي
به ،وذهب بعض الشافعية إلى جواز ذلك .أما
صورة بانورامية عن الإشكالية. النقطة الثانية ،فتتعلق بكيفية فهم مختلف الرواية
-3فهم دلالات الألفاظ على حقيقتها المعجمية
دون تأويل ،ثم فهمها في سياقها النصي ،ومن ثم وغريبها في مفهوم «الدراية» ،حيث يتطلب إدراك
فهم الروايات المختلف عليها ،أو الغريبة في لفظها أو
سياقها الخطابي. معناها منهجية معرفية دقيقة تتطلب ،أو ًل ،تحصيل
ولعلنا لا نبالغ إذا زعمنا أن مثل هذه الخطوات
المنهجية والمعرفة المساعدة قد غابت عن الروائي مجموعة من المعارف المساعدة ،ثم تتطلب ،ثان ًيا،
الراحل حمدي أبو جليل في قراءته الأخرى للتاريخ مساعدة من أستاذ أكثر عل ًما وخبرة بهذا المجال،
الإسلامي؛ وهو ما أدى إلى قصور معرفي كبير في وهو ما اصطلح عليه المسلمون بالشيخ؛ بمعنى أن
«الوجادة» في الكتب لا تكفي لفهم الروايات المختلفة
روايته وفي تأويلها. حولها وإن استطاع الباحث أن يح ِّصل مجموعة
المعارف المساعدة كإتقان اللغة العربية وعلومها،
-3محتوى رواية حمدي أبو جليل ومعرفة حال الرواة وشروطهم ،والجرح والتعديل
وناتجها القرائي
والناسخ والمنسوخ ،فض ًل عن معرفة المفاهيم
قد يضيق المقام هنا عن الاسترسال في تفكيك الدقيقة لمصطلحات علم الحديث ،ولو استطاع
محتوى رواية حمدي أبو جليل الأخرى للتاريخ الباحث أن يح ِّصل كل تلك المعارف فيبقى فهمه
الإسلامي؛ ولذا
فإننا سنكتفي
بنموذج واحد
في الكشف عن
هذا المحتوى،
والكيفية التي
تعامل بها المؤلف
معه.
في أول فصول
الكتاب بعنوان
«وفاة النبي
(ص)» يستشهد
حمدي أبو