Page 27 - m
P. 27

‫‪25‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

    ‫تعليق ختامي‬                                          ‫راوي الحديث‪ ،‬أي أن يكون معناها أن ابن عباس‬
                                                        ‫لم يذكر الثالثة أو قالها ونسيها سعيد‪ ،‬ويقول ابن‬
‫لا شك أن كتاب «نحن ضحايا عك» محاولة مخلصة‬
  ‫من الكاتب الراحل حمدي أبو جليل ‪-‬رحمه الله‪-‬‬               ‫حجر العسقلاني في «فتح الباري»‪« :‬يحتمل أن‬
     ‫للوقوف على بعض أسباب تأخرنا الحضاري؛‬                 ‫يكون القائل ذلك هو سعيد بن جبير‪ ،‬ثم وجدت‬
  ‫لكن في حقيقة الأمر أن أسباب تخلفنا أعقد وأكثر‬           ‫عند الإسماعيلي التصريح بأن قائل ذلك هو ابن‬
      ‫تشاب ًكا من مجرد جمع مجموعة من المرويات‬            ‫ُعيينة‪ .‬وفي مسند الحميدي ومن طريقه أبو نعيم‬
      ‫المختلف في فهمها بين دفتي كتاب‪ ،‬ثم توجيه‬             ‫في المستخرج‪ :‬قال سفيان‪ :‬قال سليمان أي ابن‬
        ‫قراءتها وتأويلها وف ًقا لوجهة نظر محددة‪.‬‬          ‫أبي مسلم‪ :‬لا أدري أذكر سعيد بن جبير الثالثة‬
    ‫وإنني أضم صوتي إلى صوت حمدي أبو جليل‬
    ‫رحمه الله في التنويه الذي ص َّدر به كتابه قائ ًل‪:‬‬                        ‫فنسيتها أو سكت عنها»(‪.)9‬‬
  ‫«هذه روايتي أنا‪ ،‬ولا تلزم أح ًدا غيري‪ ،‬ولا تقرأها‬    ‫على الرغم من اقتصار تناولنا لمحتوى رواية حمدي‬

 ‫–أرجوك‪ -‬إلا باعتبارها روايتي أنا‪ ،‬إن أخطأ ُت؛ فلي‬         ‫أبو جليل على هذا الحديث وقراءته له وتوجيهه‬
‫أجر‪ ،‬وإن أصب ُت؛ أجران‪ .‬اللهم اؤجرني الأج َرين»‪..‬‬      ‫لمعناه‪ ،‬فأظن أن مثل هذا النموذج كاشف ودا ٌّل على‬
                                                        ‫خلل ما في المنهجية المعرفية لدى حمدي أبو جليل‬
   ‫نسأل الله أن يأ ُجر حمدي أبو جليل أج ًرا حسنًا‬
                           ‫وأن يتجاوز عن خطئه‬                              ‫في قراءته للتاريخ الإسلامي‪.‬‬

                                                                        ‫الهوامش‪:‬‬

                                                      ‫‪ -‬مدرس النقد الأدبي الحديث بكلية الآداب‪ ،‬جامعة المنوفية‪.‬‬
    ‫‪ -2‬يقول البغدادي في كتابه «المحبر»‪« :‬وكانت عك إذا بلغوا‪ ‬مكة‪ ‬يبعثون غلامين أسودين أمامهم يسيران على حمل‬
‫مملوكين قد جردا فهما عريانان فلا يزيدان على أن يقولا‪« :‬نحن غرابا عك»‪ .‬وإذا نادى الغلامان بذلك صاح من خلفهما‬
    ‫من عك‪« :‬عك إليك عانيه‪ ،‬عبادك اليمانية‪ ،‬كيما نحج الثانية» وكانت العرب تس ِّمي العبد الأسود «غرا ًبا»‪ ،‬وعانية أي‬

                                                         ‫خاضعة‪ ،‬وكيما نحج الثانية أي جئناك نحج مرة أخرى‪.‬‬
‫‪ُ -‬ينظر‪ ،‬محمد بن حبيب البغدادي‪ :‬كتاب المحبر‪ ،‬رواية‪ :‬أبي سعيد الحسن بن الحسين السكري‪ ،‬صححته‪ :‬إيلزه ليختن‬

  ‫شتيتر‪ ،‬دار الآفاق الجديدة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪.‬ت‪ .‬ص‪313‬؛ وينظر أي ًضا‪ ،‬هشام بن محمد بن السائب الكلبي‪ :‬كتاب الأصنام‪،‬‬
                                  ‫تحقيق‪ :‬أحمد زكي باشا‪ ،‬ط‪ ،2‬مطبعة دار الكتاب المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،1924 ،‬ص‪.7‬‬

‫‪ -3‬تستخدم كلمة «عك» في العامية المصرية للدلالة على عدم العناية بالشيء الذي تفعله‪ ،‬والإهمال به ليخرج في النهاية‬
 ‫لا طعم له ولا لون‪ ،‬ويوصف العك على طبخة غير متقنة أو الأكل المتضارب أو الكلام غير المتناسق أو الملابس التي لا‬
‫تناسق فيها‪ ،‬وتستخدم الكلمة نفسها في العامية الفلسطينية للدلالة على الخلط بين الأشياء وعدم التناسق‪ُ .‬ينظر‪ ،‬معجم‬

                                                                      ‫المصطلحات العربية العامية‪ ،‬موقع معجم‪:‬‬
                                                                                  ‫‪https://ar.mo3jam.com‬‬

      ‫‪ -4‬محمد أبو شهبة‪ :‬الوسيط في علوم ومصطلح الحديث‪ ،‬عالم المعرفة للنشر والتوزيع‪ ،1983 ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.39‬‬
                                                                                          ‫‪ -5‬السابق‪ ،‬ص‪.40‬‬

                                                                                     ‫‪ -6‬السابق‪ ،‬ص‪.26 -25‬‬
    ‫‪ -7‬حمدي أبو جليل‪ :‬نحن ضحايا عك «رواية أخرى للتاريخ الإسلامي»‪ ،‬دار بتانة‪ ،‬القاهرة‪2017 ،‬م‪ ،‬ص‪.15 -14‬‬
    ‫‪ -8‬ابن حجر العسقلاني‪ :‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬طبعة المكتبة السلفية‪ ،‬الجزء‪ ،8‬ص‪ 132‬وما بعدها‪.‬‬

                                                                                 ‫‪ -9‬السابق‪ ،‬الجزء‪ ،8‬ص‪.135‬‬
   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32