Page 24 - m
P. 24

‫العـدد ‪58‬‬   ‫‪22‬‬

                                                 ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

   ‫الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (ص)‬        ‫جليل بحديث روي عن النبي الكريم (ص) وهو‬
                                   ‫وبين كتابه»‪.‬‬    ‫على فراش المرض‪ ،‬ولكنه يذكر نص الحديث بعد‬
                                                  ‫أن يسترسل في حكي الموقف بأسلوبه وإضافاته‪،‬‬
   ‫نلاحظ من المقارنة البسيطة بين النص الوارد في‬
‫صحيح البخاري وما حكاه حمدي أبو جليل اعتما ًدا‬                     ‫ولنقارن حكيه مع نص الحديث‪.‬‬
                                                    ‫يقول حمدي أبو جليل‪« :‬غير أن المتفق عليه أن‬
                ‫على هذا النقل مجموعة من النقاط‪:‬‬      ‫الرسول (ص) طلب في حديث وهو على فراش‬
     ‫أو ًل‪ :‬توجيه تأويل رغبة النبي (ص) في إملاء‬   ‫المرض‪ ،‬كما ورد في البخاري وغيره‪ ،‬دوا ًة وقل ًما‪،‬‬
‫وصية وهو على فراش المرض تجاه قضية الخلافة‪،‬‬          ‫وقيل كت ًفا من العظم‪ ،‬ليوصي وصيته الأخيرة‪،‬‬
    ‫وهو توجيه لا يخفى فيه النزعة الطائفية‪ ،‬حيث‬
    ‫اعتمدت هذا الفهم أغلب الروايات الشيعية‪ ،‬على‬       ‫واستبشر بنو هاشم بالخلافة‪ ،‬ولكن عمر بن‬
     ‫الرغم من أن نص الحديث ليس به ما يدل على‬          ‫الخطاب وأبا بكر الصديق وره ًطا آخرين من‬
      ‫أن النبي الكريم (ص) كان سيوصي بأمر ما‬       ‫قريش رفضوا أن يتركوا النبي يوصي‪ ،‬والبعض‬
   ‫يخص خلافته‪ ،‬وإنما ظاهر لفظ الحديث في قوله‬        ‫يذهب إلى أنهم ظنوا أنه كان سيوصي بالخلافة‬
  ‫«لا تضلون بعده» شديد العمومية؛ كما أن أبواب‬     ‫لعلي بن أبي طالب والهاشميين عمو ًما‪ ،‬وقال عمر‬
‫الضلال والهدى كثيرة وليست مقصورة على قضية‬           ‫بن الخطاب إنه يهرف؛ أي يقول كلا ًما لا يعقله‬
                                                    ‫في سكرات المرض‪ ،‬وتعاركوا فوق فراش النبي‪،‬‬
                           ‫الحكم والخلافة فقط‪.‬‬      ‫علي والعباس وبقية بني هاشم يقولون يوصي‪،‬‬
   ‫ثان ًيا‪ :‬يضيف حمدي أبو جليل في حكايته بعض‬     ‫وعمر وأبو بكر وأشياعهم يقولون لا يوصي‪ ،‬حتى‬
‫المفردات غير الموجودة بالنص‪ ،‬وهي إضافات توجه‬       ‫طردهم رسول الله (ص) من عنده قائ ًل ‪-‬بل قل‬
                                                 ‫صار ًخا‪ :-‬لا يتنازع قوم عند نبي»(‪ .)7‬هذا هو نص‬
     ‫القارئ إلى فهم محدد للنص؛ فيقول أن سيدنا‬     ‫ما رواه حمدي أبو جليل‪ ،‬أما الحديث فيورده بعد‬
  ‫عمر قال عن النبي (ص) أنه «يهرف»‪ ،‬ويقول إن‬         ‫ذلك بفقرة واحدة‪ ،‬ويو ِّثقه في الهامش بأنه ورد‬
 ‫النبي (ص) «صرخ» في الصحابة طالبًا خروجهم؛‬       ‫في صحيح البخاري تحت رقم (‪ ،)114‬ويقول نص‬

     ‫ويضيف أن عم ًرا لم يكن منفر ًدا برأي الرفض‬                              ‫الحديث كما أورده‪:‬‬
 ‫وإنما شاركه هذا الرأي أبو بكر ورهط من قريش‪،‬‬       ‫«حدثنا يحيى بن سليمان‪ ،‬قال حدثني ابن وهب‪،‬‬
                                                    ‫قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله‬
   ‫وهذه الإضافات فض ًل عن عدم دقتها في التعبير‬      ‫بن عبد الله عن ابن عباس‪ ،‬قال‪ :‬لما اشتد بالنبي‬
‫بصدق عن الموقف المحكي‪ ،‬فإنها تعزز توجيه قارئ‬
‫النص ‪-‬الذي سيرد بعد ذلك‪ -‬تجاه تأويل ما‪ .‬ولنا‬                                    ‫(ص) وجعه قال‬
                                                                                   ‫ائتوني بكتاب‬
                                                                                  ‫أكتب لكم كتا ًبا‬

                                                                                ‫لا تضلُّون بعده‪،‬‬
                                                                              ‫قال عمر‪ :‬إن النبي‬
                                                                               ‫(ص) غلبه الوجع‬
                                                                                ‫وعندنا كتاب الله‬
                                                                               ‫حسبنا‪ ،‬فاختلفوا‪،‬‬

                                                                                ‫وكثر اللغط‪ ،‬قال‬
                                                                             ‫(النبي) قوموا عني‪،‬‬

                                                                                ‫ولا ينبغي عندي‬
                                                                              ‫التنازع‪ ،‬فخرج ابن‬

                                                                                 ‫عباس يقول‪ :‬إن‬
   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29