Page 31 - m
P. 31

‫‪29‬‬          ‫إبداع ومبدعون‬

            ‫رؤى نقدية‬

                                                              ‫تخيليًّا محتم ًل‪ ،‬وفى هذه‬
                                                              ‫الاحتمالية تكمن الشعرية‬

                                                              ‫التي تعتبر بمثابة الصورة‬
                                                                   ‫الحاكمة في النص نق ًل‬

                                                              ‫عن جيرار جينت‪ ،‬وسبب‬

                                                                   ‫اختياري لهذا النص‬

                                                              ‫بالذات يكمن في أنه نص‬

                                                                   ‫سردي كامل لا تتحكم‬

                                                                   ‫فيه أية تقنيات أخرى‪،‬‬

                                                              ‫وإن كانت تتمثل في داخله‬

                                                              ‫على شكل حوار ضمني‬

                                                                   ‫ووصف ضمني أي ًضا‪،‬‬
                                                                   ‫وغناء ضمني‪ ،‬أي أن‬

                                                                   ‫الذي يحكم النص هنا‬

                                                                   ‫هي الشعرية السردية‪،‬‬

‫مصطفى ناصف‬  ‫جيرار جينيت‬                            ‫بول ريكور‬  ‫والتي تؤثر بشكل واضح‬
                                                                ‫في مسار النص وتفتح‬

  ‫مجموع بنى النص السردي‪ ،‬وهي آلية البحث عن‬                         ‫له آفا ًقا أخرى تتجاوز‬
   ‫التراث‪ ،‬تراث المؤلف الخاص والبحث عن هويته‬
       ‫وسط هذا الهيولي التي تشكل حياة الإنسان‬      ‫الآفاق المتداولة في القص‪ ،‬فيمكن وصفه بأنه كتابة‬
  ‫المعاصر في العالم الثالث‪ ،‬وإن كان للبدوي المؤلف‬
  ‫تراثه الخاص فهو تراث احتمالي رمزي يتوجه به‬       ‫سردية‪ /‬غنائية قصائدية بالدرجة الأولى‪ ،‬تتعدد‬

‫الكاتب ليعبر عن تراث الأمة كلها‪ ،‬وما ينسحب على‬     ‫فيه الاحتمالات وتنمو فيه الوظائف الجمالية نم ًّوا‬
 ‫تراثه من تساؤلات وإشكالات ينسحب على التراث‬        ‫متزاي ًدا تتوازى مع بعض الوظائف التي تعتمد على‬
‫الجمعي أي ًضا‪ ،‬مما يحيل النص من سرد غنائي إلى‬      ‫رؤية المضمون من خلاله أو ًل‪ ،‬وثانيًا من خلال‪،‬‬
                                                    ‫اللغة وثالثًا من خلال الصور الشعرية الرمزية‬
            ‫سرد موضوعي بشكل احتمالي أي ًضا‪.‬‬
‫وهذا الملمح بدا في كثير من النصوص مثل «البدو»‪،‬‬     ‫التصويرية التي تخلص واقعها الخاص‪ ،‬ومن ثم‬
‫«الإهانة»‪« ،‬مشاهد عادية»‪ ،‬والأخيرة تدخلنا إلى نبع‬
‫آخر من ينابيع شعرية النص عند حمدي أبو جليل‪،‬‬        ‫يطغى كل احتمال من الاحتمالات السابقة على الآخر‬

     ‫ألا وهي شعرية الرؤية التي تتيح لنا النظر إلى‬  ‫طغيا ًنا‪ ،‬بحيث لا يترك للقارئ فرصة في تأويل آخر‬
 ‫الأشياء من خلال عينيه‪ ،‬وبقاعدة معرفية وثقافية‬     ‫غيره‪ ،‬إذا وجه القارئ وجهه تجاهه‪ ،‬وهكذا مع كل‬
 ‫وتراثية مختلفة عن القاعدة العامة‪ ،‬فتراثه الخاص‬
  ‫تراث قبائل البدو الممتدة عبر الصحراء بين مصر‬                     ‫الاحتمالات‪.‬‬

     ‫وليبيا يميزه المؤلف بطريقة تناوله‪ ،‬وذلك عبر‬              ‫‪-5-‬‬
  ‫مجموعة من الصور التي يوجدها ويسيرها وفق‬
                                                    ‫أما اللغة الواعية فهي تسيطر على الشكل السردي‬
    ‫هواه الخاص‪ ،‬فالمشهد الأول ‪-‬بدو‪ -‬يطرح فيه‬        ‫بصفة عامة‪ ،‬إذ لا يترك المؤلف انسياب اللغة التي‬
 ‫حمدي أبو جليل قضية العلاقة الأبدية بين الرجل‬
 ‫والمرأة‪ ،‬من خلال سرد خالص لا يتخلله أي حوار‪،‬‬          ‫توافق المعنى‪ ،‬كما يحدث في عدد من نصوص‬
                                                   ‫المجموعة‪ ،‬ولكنه يتحكم في هذه اللغة تحك ًما يجعلنا‬

                                                         ‫نصفه بأنه تحكم منطقي‪ ،‬وربما في مواجهة‬
                                                      ‫اللامنطق الذي يواجه الكاتب في هذا العالم‪ ،‬هذا‬
                                                      ‫التحكم الواعي ناتج عن آلية رئيسية في تشكيل‬
   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36