Page 33 - m
P. 33
31 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
د.هويدا صالح
البطل الضد والبعد السيري..
في رواية» الفاعل»
لحمدي أبو جليل
ما يؤكد البعد السيري في النص :أو ًل السارد ورد باسمه كام ًل في
النص ،ثان ًيا هو روائي يسعى لكتابة رواية ،كما أنه يسعى لترك
مهنة الكاتب للبحث عن عمل في "الثقافة" و"الصحافة" .وهناك
عشرات المواضع ،إن لم نقل مئات التي يتحدث فيها حمدي أبو جليل
عن رواياته ،وشخصياته الروائية ،وبناء العمل الروائي ،والعمل في
الصحافة الثقافية ،وغيرها مما يشير إلى سيرته الذاتية الصريحة التي
قرر أن يشتغل عليها ويوظفها درام ًّيا؛ اتفا ًقا مع رؤيته للكتابة ومساحات
السر السيري ومساحات التخييل في النصوص.
له في وسائل الإعلام ،ككائن ديناصوري ،خطابه رغم حضور الهامش في الرواية العربية منذ
منفصل عن الواقع ،نخبوي لا يجيد لغة التعاطي
مع هذا الواقع ،بل أصبحت الصورة النمطية له في رواية «زينب» لمحمد حسين هيكل -حيث جعلت
الإعلام أنه يعيش في برج عاجي ،لا يجيد التعامل من الريف هام ًشا في مقابل المتن فضا ًء لها -إلا
مع معطيات الواقع العام ،سياسيًّا واجتماعيًّا .لكن أن السرد التسعيني هو الذي تعاطى مع الهامش
الروائي الذي هو أحد تجليات صورة المثقف يثبت
أنه ملتحم مع الواقع ،وجزء أصيل منه ،ويذهب بشكل مغاير ،فلم يعد الهامش مجرد رغبة في
التنوع ،إنما صار اشتغال الروائي على مجتمع
بعالمه الروائي إلى كل هوامش المجتمع المختلفة، المهمشين رها ًنا رئي ًسا؛ بهدف كشف ما يلاقيه
المسكوت عنها؛ محاو ًل الانتصار لها ،فاض ًحا ما هذا المجتمع من تهميش وإقصاء .وصارت رؤية
تتعرض له من ضيم وتهميش ،ويحاول أن يستكني العالم واضحة لدى الروائي ،فهي تختلف عن
هذه الهوامش من الداخل ،ويسبر غورها .ولقد الموقع النمطي للروائي الذي يتعامل مع الهامش
راهن السرد الذي قدمه جيل التسعينيات ،وأقصد
بشك ٍل متعا ٍل ،فينظر إليه باعتباره موضو ًعا
به ذلك الجيل الذي بدأ مشروعه الإبداعي في للسرد .الروائي في السرد الجديد يمتلك رؤية
التسعينيات من القرن الماضي ،راهن هذا الجيل على مغايرة ،ونسق تفكير يجعل من نفسه جز ًءا من هذا
الهامش ،خاصة أن المبدع نفسه صار مه َّم ًشا في
الخوض عمي ًقا في الواقع ،تفكيك الأنساق الثقافية مجتمع اختل فيه نسق القيم ،بل أصبح ُينظر إليه
التي تتحكم في معطياته ،تعرية ما تقوم به هذه سواء عبر النظام السياسي أو الصورة الإعلامية