Page 30 - m
P. 30
العـدد 58 28
أكتوبر ٢٠٢3
بما تحتويه الكلمة من معاني التوجيه اللاواعي فإن الناقد يتساءل عن الأدب ،أعني عالم الرموز،
داخل النصوص ،ويظل المؤلف هو الذات المحركة، ولكن ما قد يكون رم ًزا لكاتب العمل يصبح معنًى
لذا فقد غلبت شعرية النص بصفة عامة على شعرية لدى الناقد القارئ لأنه موضوع الخطاب الأدبي.
السرد ،والغلبة هنا ناتجة عن كمية الوحدات اللغوية
المكونة للنص ،وفى الأصل فإن الوحدات السردية وبطريقة أخرى ،ما قد يكون معنى لدى الكاتب
مكملة لباقي وحدات النص ،تحمل سماتها أحيا ًنا، وجهة نظره عن العالم يصبح رم ًزا عند الناقد
وأحيا ًنا أخرى تضفي شعرية السرد صفاتها على
مجمل النص وتلونه بها ،وبالتالي فإن النبع الأول القارئ(.)2
الذي يشكل شعرية النص بجانب الاعتماد على لغة وكلمة القارئ هنا وضعتها من عندي توسي ًعا
المجاز الخالصة -أحيا ًنا -اعتما ًدا كبي ًرا ،وعلى غلبة للمدلول ،فكلام جينت يتطابق بدرجة كبيرة مع
الطروح التي يسوقها المؤلف باعتبارها تساؤلات
الوحدات السردية على باقي الوحدات في أحايين تنحو منحنًى رمز ًّيا وتتحول عند القارئ والناقد
أخرى ،وعلى توازى الرؤية بين ذات جلية وذات معنًى يجب البحث عنه وفيه ،وهذه التساؤلات
خفية في كثير من النصوص ،وكلها مميزات تتصل الرمزية تسيطر بدرجة كبيرة على شعرية النص
بالشكل الفني للنص ،وهو ما يتصل برؤية الكاتب بعامة ،يشترك فيها السرد ،والوصف والحوار،
من احتمالية الرمز في الصورة الرمزية ،أقصد هنا والروابط السياقية الأخرى ،وعليه تتحول الصور
باحتمالية الرمز ما يتصل بالواقع الذي يصوره في النصوص إلى نوع من التشكيلات الرمزية
المؤلف ،وسوف نمثل بنص نعتمد فيه على مسألة المحتملة ،والتي تشكل في مجملها سؤا ًل واح ًدا
الاحتمالية الرمزية هذه ،وهو نص «الإهانة» ،وفيه كبي ًرا يخص الذات والعالم ،ولكن نسبة التشكيلات
تتجلى هذه الاحتمالية في الرؤية التي يفضي بها السردية التي تصنع هذه التشكيلات تفوق نسبة
المؤلف على لسان الذات الأولى ،والتي أشرت إليها التقنيات الأخرى في عدد كبير من النصوص ،مما
ساب ًقا ،هذه الذات التي تصنع على مدار النص عدة يجعل شعرية حمدي أبو جليل السردية شعرية
وحدات تصويرية تخص واق ًعا تسيطر عليها الأنا بصفة عامة ،تتراوح هذه الأنا
فعليًّا محتم ًل ،أو تخص بين ذات واضحة محاورة وذات خفية تحرك النص
واق ًعا نفسيًّا محتم ًل،
بتشكيلاته.
أو تخص واق ًعا
-4-
إن شعرية النص في الكتابة السردية الخالصة
من شأنها أن توقع الكاتب في مستوى يتساوى
ويتجاور مع مستويات الرؤية التي تنبع من
إحساسه للتعبير
عن الواقع،
تعبي ًرا شعر ًّيا،
لا يرصد فيه
المؤلف مفردات
هذا الواقع فقط،
ولكن -بجانب
هذا الرصد -يضع
احتمالاته ويوجهها بوعي
على لسان كائناته البشرية