Page 107 - merit 49
P. 107
105 إبداع ومبدعون
قصــة
نظر إلى السروال نصف المنزوع وأدرك أنه قد
امتلأ بدم كثير ،أراد أن يذهب إلى المرآة ليدقق في
الأمر لكنه تعثر بسبب سرواله نصف المشدود
ووقع على الأرض .انتبهت له السيدة المسنة
وجاءت مسرعة لنجدته ،رأت المشهد ونظرت إليه
مستغربة ،ثم قالت« :ما ب ِك تصرخين هكذا؟ كل
نساء العالم تحيض وأنت تتصرفين كأنك تحيضين
لأول مرة .هيا قومي ،اجمعي أغراضك واذهبي
إلي بيتك واغتسلي .أشربي شا ًيا» ،ثم أضافت
بابتسامة عريضة« :وقولي لزوجك أن يأتي بعد
أسبوع ليأخذ حقوقه الزوجية» وخرجت من المكان.
«هذا هو الحيض إ ًذا» فكر جبران في نفسه وقد
كان سعي ًدا أنه لم يكن نزي ًفا داخليًّا سيسبب موته.
خلع الملابس المتسخة وبدأ يفكر في ورطته ،ليس
لديه أي ملابس بديلة ولن يستطع الخروج هكذا
إلى الشارع .فوق ذلك بدأت رائحة دم الحيض
تتوغل في الملابس المتسخة وبدأ جسمه يصدر
رائحة سيئة .لن يسمحوا له الآن بالطبع بالدخول
إلى غرفة البخار لينظف جسمه ،سيضطر أن
يغتسل في المرحاض ،كوم جبران ملابسه المتسخة
وذهب إلى هناك وأغتسل .لف فوطة الحمام حول
جسمه وخرج إلى دكة التذاكر ليسأل عن إمكانية
الحصول على سروال إضافي يستعيره ،ولكن بائعة
التذاكر صرخت فيه قائلة« :هل أن ِت مجنونة؟!
تخرجين هكذا؟ قد يراك الرجال المارة ،إذا ُفتح
باب الحمام بالصدفة .ستشوهين سمعة الحمام
إلى الأبد .ادخلي يا مجنونة!» .ارتبك جبران كثي ًرا،
إذ إنه كان يخرج دائ ًما إلى دكة التذاكر والمنشفة
حول خصره فقط ،غير مبا ٍل أن ُيفتح الباب .لم
يوبخه لذلك أح ٌد أب ًدا .لكن اليوم غير الأمس ،اليوم
هو امرأة ويخضع لقوانين أخرى .دخل مطأطئ
الرأس وانتظر حتى تخرج إحدى النساء من غرفة
البخار لتهديه سروا ًل إضافيًّا يلبسه كي يمضي الى
البيت .لم ينتظر جبران طوي ًل ،إذ ُفتح باب غرفة
البخار الكبيرة ودخلت أرب ُع بنات شابات كن قد
أنهين طقوس الاستحمام والغسل ،وكن يلمعن من
النظافة ،توجه جبران إليهن وشكى لهن بخجل
ما حدث له ،ابتسمت إحداهن وقالت« :لا بأس،
انتظري هنا يا عمة ،سأطلب من عاملة الحمام أن