Page 108 - merit 49
P. 108
العـدد 49 106
يناير ٢٠٢3
منده ًشا مفتوح الفم وهو يرى المصابيح الخلفية ترسل صبيًّا ليشتري لك ملابس جديدة ونظيفة .لا
للسيارة التي ابتعدت بسرعة .التفت يمينًا ويسا ًرا تقلقي» .كم كان يتمنى جبران أن يرى هذه الفتاة
راجيًا أن لم يره أحد ،ثم انحنى على الأرض ،التقط ورفيقاتها يتعرين أمامه ،إذ كن بنات جميلات
ورقيقات ،لكن ورطة جبران طغت على الشهوة في
النقود ودخل البيت. تلك اللحظة ،وعندما بدلت البنت أمامه ملابسها
كان البيت كما ُترك في الصباح ،زوجته لم تعد بعد،
بسرعة كي تخرج إلى دكة التذاكر ،غض النظر عنها
كان جبران متعبًا ومنه ًكا وذلك رغم أن الظهر لم حتى أنها استغربت من ذلك ولكنها لم تعلق .عادت
يحل .كيف سيمر اليوم على خير وكيف سيستعيد
البنت بسرعة وفي يدها سروال ،وسروال داخلي
جسده؟ تذكر أن زوجته رفعت يدها لله وطلبت نظيفان وعلبة من الفوط الصحية النسائية .شكرها
منه أن يفهم زوجها ،ربما كان كل هذا عقا ًبا إلهيًّا؟ جبران كثي ًرا ،عرض عليها النقود ولكنها رفضت،
أراد أن يذهب ليصلي ولكنه تذكر أنه حائض ،أراد
أن يتصل بأبي كريم صديقه الحميم منذ الطفولة، ودعها ورفيقاتها ودخل المرحاض ليغير ثيابه.
لبس السروال الجديد ووضع ثلاث فوط نسائية
كان متأك ًدا أن أبا كريم سيساعده في إيجاد حل في سرواله الداخلي خشية أن يعود الحيض ،ترك
ملائم .اتصل به ،رفع أبو كريم السماعة قائ ًل: الثياب المتسخة في المرحاض ،أعاد المنشفة الكبيرة
«مرحبا يا أبا عادل» .قال له جبران «اسمع يا أبا إلى الدكة ،وقبل أن يتلقى نظرات مهينة من المرأة
كريم ،أنا في ورطة ،يجب أن أراك فو ًرا!»« .يا هلا الجالسة خلف النافذة ،فتح باب الحمام وخرج إلى
يا أم عادل .خي ًرا إن شاء الله .أين أبا عادل» .أجابه الشارع .أراد أن يعود الى البيت بأقصى سرعة،
أبو كريم .قال جبران« :أنا لست أم عادل ،بل أنا
جبران .أرجوك تعال فو ًرا .أحتاجك»« .لا يا أم فكر في أن يأخذ الباص العمومي لكنه استبعد
عادل .أرجو ِك لا تدخليني في متاهات أنا في غنى الفكرة خو ًفا من تحرش محتمل ليست له القدرة
عنها .جبران صديقي منذ الطفولة وأنا لن أخون
هذه الصداقة أب ًدا» قالها أبو كريم وأقفل الخط. اليوم على التعامل معه ،كانت المسافة إلى البيت
حاول جبران الاتصال مرة أخرى لكن أبا كريم لم بعيدة إلى حد ما .أوقف عدة سيارات تاكسي ولم
يرفع السماعة ،لم يتوقع جبران كل هذه الشهامة يركب فيها ،إذ خيل له أنه يرى نظرات جائعة في
من صديقه ،ومع أنه ُسعد بتصرفه ،إلا أنه فهم أن عيون السائقين .حالفه الحظ بأحد السائقين الذي
يبدو أنه أقل سو ًءا من غيره ،كان السائق رج ًل
أبا كريم لن يساعده في إيجاد حل.
جر جبران نفسه إلى غرفة النوم ليأخذ قس ًطا شا ًّبا وسي ًما ،لا بد أن له ح ًّظا مع النساء ولن
من الراحة وينتظر زوجته ،إنها حت ًما سترحمه يغازل امرأة في عمر والدته ،كانت سيارته نظيفة
وستساعده في استعادة جسده ،لا بد أنها أي ًضا ولامعة من الداخل والخارج .ركب جبران السيارة
تريد أن تستعيد جسدها الذي صرفت عليه التي أوصلته إلى وجهته دون أي مضايقات أو
المساحيق الكثيرة والذي سيتدهور حتما تحت تعليقات من السائقُ .سعد جبران بهذا كثي ًرا
أيدي جبران .نعم ،هذا منطق سيقنع زوجته حت ًما،
خلع ثيابه وارتمى على السرير ،وذهب في نوم وأعطى السائق بقشي ًشا فوق العادة مما أربكه ،قال
عميق وهو يتمتم« :لا بد أن تساعدني ،لا بد أن لجبران« :يا عمة ،هذا كثير» .أجابه جبران وقال:
«هذا لأنك ولد حلو وشاطر» .فتح السائق النافذة
تساعدني». ورمى البقشيش غاضبًا في وجه جبران قائ ًل:
«عيب عليك يا عمة ،أنا في سن ابنك وأنا لست من
هؤلاء» .دعس على البنزين وتحرك ،وقف جبران