Page 209 - merit 49
P. 209

‫‪207‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫المؤرخين والكتاب اختلفوا‬       ‫عبد الكريم أن هنا موضع‬                ‫باشا» الذي اشتغل قاضيًا‬
   ‫حول عدد الإرساليات التي‬           ‫خطأ‪ ،‬فهؤلاء التلاميذ لم‬          ‫ومستشا ًرا بالقضاء المختلط‪،‬‬
 ‫أرسلها محمد علي باشا خلال‬           ‫يكونوا من ذات المدرسة‬
    ‫المدة من (‪،)1847 -1813‬‬                                              ‫و»علي إبراهيم باشا» الذي‬
    ‫فذكر الأمير عمر طوسون‬       ‫المذكورة جمي ًعا‪ ،‬بل كان بينهم‬       ‫عين وزي ًرا للمعارف ثم وزي ًرا‬
  ‫أن عددهم سبعة إرساليات‪،‬‬        ‫تلاميذ من المكتب العالي‪ ،‬وقد‬
    ‫وبعدد إجمالي ‪ 339‬طالبًا‪،‬‬                                           ‫للحقانية عام ‪ .1882‬وأي ًضا‬
    ‫وأيده في هذا الرأي جمال‬        ‫بلغ عدد طلالبها ‪ 25‬طالبًا‬            ‫علي مبارك باشا‪ ،‬وشريف‬
  ‫الدين الشيال‪ ،‬بينما أكد عبد‬    ‫تم أرسالهم على ثلاث دفعات‬           ‫باشا الوزير المصري الشهير‪.‬‬
                                                                      ‫وقد ذكر كل من عبد الرحمن‬
     ‫الرحمن الرافعي أن عدد‬         ‫متوالية لتعلم فن الميكانيكا‬           ‫الرافعي وأحمد عزت عبد‬
    ‫الإرساليات تسعة‪ ،‬وبعدد‬      ‫والوابورات‪ ،‬وآخرون درسوا‬               ‫الكريم أنه أرسلت من مصر‬
  ‫إجمالي ‪ 319‬طالبًا‪ ،‬وآخرون‬                                            ‫في عام ‪ 1845‬إرسالية طبية‬
   ‫سجلوا الإرساليات بتاريخ‬            ‫أمور العلوم السياسية‪.‬‬          ‫إلى النمسا وفرنسا‪ ،‬وبلغ عدد‬
     ‫إرسالها إلى بلاد أوروبا‪.‬‬     ‫وفي أول يناير ‪ 1848‬أرسل‬               ‫طلابها ثمانية طلاب‪ ،‬اثنان‬
                                 ‫محمد علي إرساليته السابعة‬             ‫منهم تم إيفادهما إلى النمسا‬
      ‫وربما نتشكك سواء في‬          ‫والأخيرة إلى إ ْن ِج ْلترا‪ ،‬وهي‬    ‫لدراسة طب العيون (الرمد)‪،‬‬
   ‫عدد الإرساليات أو الطلاب‬                                            ‫وستة طلاب تم إيفادهم إلى‬
  ‫المبعوثين إلى أوروبا‪ ،‬فأعتقد‬       ‫التي اشتهرت بإرسالية‬             ‫فرنسا‪ ،‬تخصص اثنان منهم‬
                                    ‫«النجارين»‪ ،‬وكانت تضم‬
      ‫أن عددهم كان أكثر من‬         ‫واح ًدا وعشرين نجا ًرا من‬              ‫في دراسة طب الأسنان‪،‬‬
      ‫الأرقام التي تم ذكرها‪.‬‬      ‫نجاري دار الصناعة التابعة‬              ‫ومثلهم دارسوا الصيدلة‪،‬‬
                                ‫لترسانة الإسكندرية‪ .‬والسبب‬            ‫وتكرير ملح البارود وتبييض‬
   ‫تأثير الإرساليات‬               ‫في إرسال هذه الإرسالية أن‬           ‫الأقمشة‪ ،‬واثنان درسا الطب‬
  ‫العلمية على مصر‬                  ‫دار الصناعة بالإسكندرية‬            ‫البيطري‪ ،‬وعقب عودة أعضاء‬
                                ‫كانت قد أتمت في ذلك التاريخ‬              ‫هذه الإرسالية تم تعيينهم‬
   ‫قصد محمد علي من إرسال‬           ‫إنشاء الفرقاطة ‪Fréggate‬‬
‫الإرساليات العلمية إلى أوروبا‬   ‫التي عرفت باسم «الشرقية»‪،‬‬                                ‫بمصر‪.‬‬
                                   ‫فأمر محمد علي بأن ترسل‬                  ‫وفي عام ‪ 1847‬أرسلت‬
     ‫تكوين فئة من المصريين‬          ‫إلى إ ْن ِج ْلترا لتركيب آلاتها‬  ‫الإرسالية الخامسة إلى فرنسا‬
   ‫المثقفين لا يقلون عن أرقى‬       ‫البخارية‪ ،‬فاصطحب ناظر‬               ‫وبلغ عدد طلابها خمسة من‬
    ‫طبقة نبيلة في أوروبا‪ .‬لأن‬       ‫الترسانة محمد بك راغب‬                ‫طلبة الأزهر‪ ،‬وقد اشترط‬
   ‫الباشا كان يعرف جي ًدا أن‬                                           ‫في هؤلاء أن يكونوا ماهرين‬
 ‫النهضة التي يريد إقامتها في‬           ‫المعروف بالاستانبولي‬              ‫في فن الكتابة‪ ،‬ويكون كل‬
‫مصر غير ممكنة‪ ،‬إلا بعد إقامة‬          ‫هؤلاء النجارين من دار‬               ‫منهم فيما بين العشرين‬
  ‫نهضة تعليمية قوية‪ .‬فكانت‬         ‫الصناعة ليتقنوا فن نجارة‬           ‫والثلاثين من عمره‪ ،‬ليرسلوا‬
 ‫هذه الإرساليات أداة صالحة‬           ‫السفن الحربية وتركيب‬              ‫إلى باريس لأجل أن يتعلموا‬
    ‫لنقل علوم الغرب‪ ،‬وفنونه‬       ‫الآلات البخارية‪ ،‬أي أن هذه‬           ‫علم الوكالة في الدعاوي‪ ،‬أي‬
   ‫وصناعاته إلى مصر‪ .‬وبعد‬           ‫الإرسالية تتعلق بالسلاح‬            ‫فن المحاماة‪ .‬وفي عام ‪1847‬‬
‫عودة أعضائها عملوا في حقول‬         ‫البحري وإنشاء الأساطيل‬              ‫أرسلت الإرسالية السادسة‬
    ‫التعليم والجيش والأعمال‬     ‫الحربية التي كانت العناية بها‬        ‫إلى إ ْن ِج ْلترا وكان أعضاؤها من‬
   ‫الهندسية والطب والترجمة‬      ‫في ذلك الوقت تفوق كل عناية‪،‬‬            ‫تلاميذ مدرسة المهندسخانة‬
                                  ‫لاستكمال القوى العسكرية‬              ‫المتفوقين‪ .‬ويذكر أحمد عزت‬
        ‫والمؤسسات الخدمية‪.‬‬
                                             ‫المصرية قوتها‪.‬‬
                                  ‫الخلاصة‪ ..‬أن مجموعة من‬
   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214