Page 212 - merit 49
P. 212

‫العـدد ‪49‬‬                                         ‫‪210‬‬

                                ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬                                     ‫هذه الدراسة‬
                                                                              ‫التي بين أيدينا‬
‫وهذا إجراء لم تعرفه البلاد‬      ‫قدوم الحملة الفرنسية‬                       ‫الضوء على واحدة‬              ‫تُ لقي‬
                                                                             ‫من أهم القضايا‬
‫عليها ‪1798‬م‪ ،‬كان اهتمام من قبل‪ .‬ونتيجة لكل ما سبق‬                            ‫الاجتماعية التي‬
‫الفرنسيين بصحة المصريين من رعاية صحية قدمتها‬                                  ‫تضعها الدولة‬
                                     ‫بحكم منفعتهم؛ إذ كان‬                      ‫المصرية ُنصب أعينها‪ .‬ألا‬
‫الحملة الفرنسية أخذت الحالة‬          ‫الفرنسيون يرغبون في‬                     ‫وهي‪ :‬الأحوال الصحة؛ لأن‬
 ‫الصحية للمصريين تتحسن‬             ‫الاهتمام بصحة الفلاحين‬                      ‫صحة الفرد من المقومات‬
‫روي ًدا روي ًدا‪ .‬وعلى الرغم من‬     ‫باعتبارهم العامل الرئيس‬                    ‫الرئيسة للدولة التي تبغي‬
  ‫مساوئ الاحتلال الفرنسي‬          ‫في الإنتاج الزراعي‪ ،‬وكذلك‬                  ‫التنمية والتقدم والازدهار‪،‬‬
 ‫لمصر‪ ،‬إلا أن مصر استفادت‬       ‫رغبة منهم في منع انتقال أية‬
‫بقدر ما وبدون قصد من هذا‬         ‫أمراض من المصريين عامة‬                        ‫لذا وجب على تلك الدولة‬
‫الاحتلال‪ ،‬وكما يقال كان من‬      ‫إلى الجنود الفرنسيين‪ .‬وعليه‬                   ‫حماية صحة أفراد شعبها‬
                                                                           ‫وتوفير سبل العلاج المختلفة‪،‬‬
‫باب «النفع الذي يأتي مع‬         ‫أصدر نابليون بونابرت‬                       ‫معتبرة ذلك استثما ًرا في خطة‬
                                                                              ‫التنمية المستقبلية‪ .‬وتزداد‬
                                ‫أوامره بإنشاء مكتب صحي‬                      ‫أهمية تلك الأحوال في مصر‬

                                ‫في التاسع والعشرين من‬                           ‫من منطلق أن الأمراض‬
                                                                                ‫والأوبئة هي ثاني أخطر‬
                                ‫سبتمبر من نفس العام‪،‬‬                       ‫عناصر ثالوث التخلف الجاثم‬
                                                                             ‫على صدر المجتمع المصري‬
                                ‫بهدف تنظيف القاهرة وذلك‬                        ‫(ذلك الثالوث المُكون من؛‬
                                                                                 ‫الجهل‪ ،‬المرض‪ ،‬الفقر)‪.‬‬
                                ‫عن طريق إيجاد نظام صحي‬                           ‫منذ القرن الثالث عشر‬
                                                                               ‫الميلادي شهدت المؤسسة‬
                                ‫لدفن الموتي‪ ،‬بالإضافة إلى‬
                                                                                   ‫الصحية كغيرها من‬
‫د‪.‬محمد سيد إسماعيل حسن‬          ‫التخلص الفوري من القمامة‬                      ‫مؤسسات مصر‪ -‬تدهو ًرا‬
                                      ‫والمخلفات داخل المدن‬                    ‫شدي ًدا حتى أصبحت غير‬
                                                                               ‫موجودة تقريبًا مع بداية‬
                                ‫الكبري‪.‬‬                                     ‫القرن التاسع عشر الميلادي‪.‬‬
‫وقام علماء الأحوال الصحــــــ‬                                                 ‫وشهد القرن التاسع عشر‬
                                                            ‫الحملة أي ًضا‬     ‫تطو ًرا في الرعاية الصحية‬
                                ‫بإجراء‬                                        ‫المؤسسية بصورة منعزلة‬
                                                                            ‫ومنفصلة تما ًما عن الموروث‬
‫محمد علي باشــ‬                  ‫أول مسح‬
                                ‫صحي في‬                                            ‫القديم‪ ،‬حيث تم تبني‬
                                                                             ‫النموذج الغربي البيولوجي‬
                                ‫مصر لتحديد‬                                 ‫الطبي والذي ساد من وقتها‪.‬‬

                                ‫الأمراض‬                                          ‫كانت الأحوال الصحية‬
                                                                                  ‫في مصر متدهورة مع‬
                                ‫وطرق‬
                                ‫علاجها‪ .‬هذا وقد ُس ِمح‬
                                ‫للمصريين بالتردد على‬

                                ‫المستشفيات العسكرية‬

                                ‫الفرنسية‪ .‬وصاحب ذلك‬

                                ‫إنشاء العديد من المحاجر‬

                                ‫الصحية‪ ،‬ويأتي على رأسها‬

                                ‫المحاجر المجاورة لمدخل‬

                                ‫الإسكندرية؛ وذلك لمنع دخول‬

                                ‫أو خروج أية مواد غذائية‬

                                ‫دون معرفة مدي صلاحيتها‪،‬‬
   207   208   209   210   211   212   213   214   215   216   217