Page 205 - merit 49
P. 205

‫‪203‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫العمل لتحقيق تلك الأغراض‬          ‫من ذلك دواوين‪ :‬البحرية‬                          ‫يسودها الخراب والفساد‬
   ‫للوفاء بحاجات بناء مصر‬       ‫والحربية والتجارة والخارجية‬                         ‫سياسيًّا وتجار ًّيا وزراعيًّا‬
                   ‫الحديثة‪.‬‬     ‫والمدارس‪ .‬مع إِ ْدخال تعديلات‬
   ‫ولما كان الباشا بحاجة إلى‬                                                          ‫وأدبيًّا‪ ،‬فأخذ على نفسه‬
      ‫أدوات بشرية ضرورية‬            ‫على الإدارة المالية‪ ،‬لضبط‬                        ‫إصلاح شئونها وبذل في‬
   ‫لسرعة البدء في مشروعاته‬      ‫عملية الإيرادات والمصروفات‪،‬‬                      ‫ذلك كثي ًرا من الجهد والعناية‬
                                                                                   ‫من أجل إعادة بناء المجتمع‬
 ‫وإصلاحاته‪ ،‬فقد استعان من‬            ‫وأي ًضا الإدارة القضائية‬                     ‫العسكري والمدني على النمط‬
   ‫أوروبا بالمدرسين والنظار‬     ‫والصحية‪ ،‬بالإضافة إلى إعادة‬                         ‫الأوروبي‪ .‬ولتحقيق حلمة‬
                                                                                   ‫كان لا بد من توفير موارد‬
‫لمدارسه‪ ،‬والضباط والمدرسين‬        ‫هيكلة المؤسسات العسكرية‬                         ‫مالية‪ ،‬ولم يتحقق ذلك الأمر‬
  ‫لجيشه وأسطوله‪ ،‬والصناع‬          ‫والخدمية التي كانت بحاجة‬                        ‫إلا عن طريق إصلاح الجهاز‬
    ‫والمهندسين لمصانعه‪ .‬وقد‬     ‫إلى كوادر مؤهلة لتتماشي مع‬                            ‫الإداري للدولة وتقسيم‬
       ‫اعتمد على الأوروبيين‬       ‫أدوات الإنتاج الحديثة‪ .‬وهنا‬                    ‫البلاد إدار ًّيا‪ ،‬فأقام لكل مجال‬
                                 ‫إدراك محمد علي بالحاجة إلى‬                           ‫ديوا ًنا يختص بشؤونه‪،‬‬
‫المتخصصين الذين عرفوا هذه‬          ‫أبناء البلاد للقيام على هذه‬
   ‫النظم في بلادهم‪ ،‬وأصابوا‬      ‫الإصلاحات‪ ،‬وقدر الباشا أن‬
 ‫منها ح ًّظا كبي ًرا وأصبح لهم‬  ‫من العبث الاعتماد على الأزهر‬
                                  ‫في إعداد الأطباء والمهندسين‬
 ‫السبق في التطور والتحديث‪،‬‬         ‫والضباط‪ ،‬وأن من العسير‬
  ‫ولكنه كان يعمل ‪-‬في الوقت‬       ‫أن يحول الأزهر عن سياسته‬
 ‫نفسه‪ -‬على ألا يطول اعتماده‬
‫على الأجانب وإبقاء أهل البلاد‬       ‫التي عكف على أدائها‪ ،‬إلى‬
‫من المصريين والأتراك بمعزل‬
                                                               ‫الختم‬
     ‫عن الاشتراك في إنهاض‬
 ‫بلادهم‪ ،‬والقيام على مرافقها‪.‬‬                         ‫فرمان إنشاء ديوان المدارس‬

  ‫فبدأ يرسل إلى أوروبا عد ًدا‬
‫من شباب مصر الذين أهلتهم‬
‫معاهد التعليم بمصر‪ ،‬وبعض‬
 ‫التلاميذ الأتراك‪ ،‬ليأخذوا من‬
‫علوم الغرب وفنونه ويحذقوا‬
‫لغاته وتجاربه‪ ،‬حتى إذا عادوا‬

     ‫إلى مصر كانوا له أعوا ًنا‬
     ‫ومساعدين يقلدهم إدارة‬
‫المصانع والمدارس والدواوين‪،‬‬
    ‫ويجلسهم‬
      ‫مجالس‬
‫التعليم ويطلب‬
  ‫منهم ترجمة‬
‫الكتب النافعة‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى‬
   ‫يطلب منهم‬
‫أن يكونوا كما‬
   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210