Page 221 - merit 49
P. 221

‫الملف الثقـافي ‪2 1 9‬‬

‫لويس دي سريزي‬  ‫طوسون باشا‬     ‫إبراهيم باشا‬                     ‫من النظام‪ ،‬وعدم الطاعة‪،‬‬
                                                             ‫فأعرض عنهم‪ .‬ولم يشأ أن‬
 ‫الخانكة و»أبو زعبل» مرك ًزا‬   ‫من مدرسة أسوان ضبا ًطا‪،‬‬       ‫يفاجئ المصريين بتجنيدهم‬
       ‫للتعليم العسكري وما‬        ‫ومضت سنة ‪ 1923‬ثم‬          ‫حتى لا يثير الهياج في البلاد‪،‬‬
                                  ‫الأشهر التالية إلى يونية‬
   ‫إليه؛ ففي أبي زعبل أنشئ‬       ‫سنة ‪ 1824‬في إتقان تلك‬          ‫لأنهم لم يعتادوا التجنيد‬
 ‫المستشفى العسكري الأول‪،‬‬           ‫الأورط‪ ،‬فاغتبط محمد‬       ‫من عهد المماليك‪ ،‬كما خشي‬
  ‫ثم مدرسة الطب‪ ،‬وأنشئت‬          ‫علي بهذه النتيجة الأولى‪،‬‬
                                   ‫وأراد أن يشهد بنفسه‬            ‫أن يؤدي تجنيدهم إلى‬
    ‫المدرسة الحربية للمشاة‪،‬‬                                     ‫حرمان مصر من قيامهم‬
   ‫ومدرسة أركان الحرب في‬        ‫مدى نجاح مشروعه فأمر‬            ‫على الزراعة فتسوء حالة‬
                                  ‫بنزول الأورط النظامية‬     ‫البلاد الاقتصادية‪ ،‬لذلك فكر‬
                   ‫الخانكة‪.‬‬       ‫إلى القاهرة وعرضها في‬       ‫أو ًل في تجنيد السودانيين‪،‬‬
                                 ‫منطقة «الخانكة»‪ ،‬وكانوا‬         ‫وعندما تم له الاستيلاء‬
‫تنظيم الجيش المصري‬                                              ‫على السودان قام بتجنيد‬
                               ‫عدة آلاف من المشاة‪ ،‬قاموا‬      ‫‪ 30‬ألف سوداني من أهالي‬
  ‫كان محمد علي مل ًّما بجيش‬       ‫بمناورات حربية أثبتوا‬        ‫كردفان وسنار‪ ،‬وانفذهم‬
   ‫بونابرت‪ ،‬وكان متأث ًرا به‬                                   ‫الى «بني عدي» حيث بدئ‬
   ‫حين أراد أن ينظم جيشه‬       ‫فيها مدى تدريبهم وحسن‬         ‫في تدريبهم هناك على النظام‬
  ‫الخاص‪ .‬ومع ذلك يبدو أن‬       ‫نظامهم‪ ،‬فأعجب محمد علي‬          ‫الحديث‪ ،‬وأعدت الحكومة‬
    ‫افتتان محمد علي بنماذج‬     ‫بهم واغتبط بنجاح مسعاه‪،‬‬       ‫لإقامتهم وتدريبهم الثكنات‬
‫الإصلاح الغربية‪ ،‬والفرنسية‬    ‫وأنشأ معسك ًرا عا ًّما للجيش‬   ‫الكافية والمؤن والمستشفيات‬
   ‫خصو ًصا‪ ،‬أمر مبالغ فيه‪.‬‬
     ‫فإذا كانت استعارته من‬        ‫في الخانكة‪ ،‬كان يحتوي‬             ‫والأسلحة والملابس‪.‬‬
‫الفرنسيين على هذا القدر من‬     ‫على الدوام من ‪ 20‬إلى ‪25‬‬               ‫إلا أن تجربة تجنيد‬
  ‫الوضوح‪ ،‬فإنه من الواضح‬      ‫ألف جندي نظامي‪ ،‬وصارت‬              ‫السودانيين لم تصادف‬
                                                               ‫النجاح المرغوب‪ ،‬فقد توفي‬
                                                               ‫معظمهم لعدم موافقة جو‬
                                                               ‫مصر لمزاجهم وصحتهم‪،‬‬
                                                             ‫وانتشار المرض بينهم حتى‬
                                                            ‫كاد أن يقضي عليهم جمي ًعا‪،‬‬
                                                                ‫كما أنهم لم يطيقوا أعباء‬
                                                                ‫الخدمة العسكرية‪ .‬نتيجة‬
                                                            ‫لذلك قرر محمد علي الالتجاء‬
                                                             ‫إلى تجنيد المصريين‪ ،‬وأنشأ‬
                                                            ‫ثكنات لتدريب المجندين منهم‬
                                                                ‫في «فرشوط»‪ ،‬بالإضافة‬
                                                               ‫إلى ما أنشأه في «أسوان»‬
                                                                ‫و»بني عدي»‪ .‬وفي يناير‬
                                                              ‫‪ 1823‬تألفت الأورط الست‬
                                                              ‫الأولى من الجيش النظامي‪،‬‬
                                                            ‫وجعل المماليك الذين تخرجوا‬
   216   217   218   219   220   221   222   223   224   225   226