Page 134 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 134

‫العـدد ‪33‬‬                         ‫‪132‬‬

                                    ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬

                                           ‫محمد داود‬

‫الاستلاب الديني للتعليم في مصر‬

    ‫الدولة مؤسسات البناء العقلي‬           ‫لبلاد أخرى؛ وإن يظل هذا‬             ‫تمهيد‪:‬‬
 ‫‪-‬التعليم والإعلام والثقافة‪ -‬التي‬       ‫هو المراد حديثًا على مستوى‬
‫يستعملها الرجعي بطبعه في إنتاج‬           ‫الإسلام السياسي فيما قيل‬         ‫«إذا فتح الله عليكم مصر‬
‫نفسه عبر عقول معادية للقيم التي‬          ‫له «أستاذية العالم»‪ ،‬فالمراد‬
                                      ‫الراهن من الاستلاب والتجنيد‬       ‫فاتخذوا منها جن ًدا كثي ًفا فإنهم‬
   ‫تقوم عليها فكرة الدولة‪ .‬ويمتد‬                                        ‫خير أجناد الأرض»‪ ،‬هذا القول‬
 ‫ذلك الاستلاب ليشمل المؤسسات‬               ‫على كل مستوى هو مزيد‬
                                         ‫من الهيمنة الدينية الرجعية‬         ‫المنسوب للرسول معبر عن‬
    ‫المشابهة في القطاعين الخاص‬         ‫على العقل والإنسان والحياة‪،‬‬       ‫عقل غزاة ومحاربين‪ ،‬فلم يقل‬
      ‫والأهلي؛ فإن كانت الدولة لا‬        ‫وهكذا يتصرف حملة العقل‬          ‫اتخذوا بيو ًتا ومزارع وأقيموا‬
 ‫تستطيع أن تلزم هذه المؤسسات‬                                               ‫حضارة‪ ،‬قال اتخذوا جنو ًدا‪،‬‬
  ‫بنهج حداثي وخطاب عقلي‪ ،‬فعلى‬              ‫الرجعي أجمعين ‪-‬ك ٌل في‬      ‫هناك غزو يتبعه غزو آخر وهذا‬
  ‫الأقل على الدولة أن تلزم نفسها‬      ‫موقعه‪ -‬كمجندين ‪-‬بوعي ولا‬           ‫يحتاج للجنود‪ ،‬وبالطبع هناك‬
  ‫بهما‪ ،‬وتقدم المثل‪ ،‬لكن الحاصل‬        ‫وعي‪ -‬ضمن عصابة مفتوحة‬            ‫استلاب لكل شعب معتدى عليه‬
 ‫هو العكس؛ فتقدم النموذج الرائد‬     ‫في الزمان والمكان‪ ،‬وبفعل تواجد‬      ‫بالغزو لدرجة التجنيد‪ .‬وبالنظر‬
 ‫وتقود الانبطاح للرجعية الدينية‪.‬‬    ‫هؤلاء كأفراد وجماعات في صلب‬         ‫لباقي عناصر المنظومة الرجعية‬
   ‫فكرة الدولة ذاتها تمثيل للعقل‪،‬‬                                        ‫يتأكد توجهها وفعلها واق ًعا في‬
   ‫ومنتج للحداثة الغربية‪ ،‬إلا أنها‬       ‫الحياة كاملة‪ ،‬تكرس الدولة‬
  ‫في مصر مستوردة‪ ،‬ومنوط بها‬            ‫المصرية نفسها لخدمة عدوها‬           ‫استلاب وتجنيد «إجباريين»‬
     ‫إنتاج الحداثة في الواقع‪ ،‬لكن‬   ‫الأكبر‪ ،‬الرجعية الدينية‪ ،‬ومن ثم‬    ‫يتعديان الأفراد إلى كافة الطاقات‬
 ‫استلابها يحول دون ذلك لدرجة‬         ‫تتواصل المراكمة على الاستلاب‬
    ‫إنفاقها السخي على مؤسسات‬        ‫الديني الرجعي التاريخي ‪-‬شديد‬                 ‫والإمكانات الجماعية‪.‬‬
    ‫دينية رجعية ضخمة كالأزهر‬            ‫البجاحة‪ -‬لمصر كأننا رهائن‬       ‫هكذا يدير العقل الرجعي بطبعه‬
‫الزعيم المؤسسي للرجعية الدينية‪،‬‬                                         ‫الحياة في مصر؛ فإن كان المراد‬
 ‫والتمثيل العضوي لاحتلال دولة‬            ‫وعلينا ديون أبدية نسددها‬
                                                    ‫بعبودية أبدية‪.‬‬         ‫قدي ًما استلاب طاقات البلاد‬
                                                                           ‫المحتلة وتسخيرها لمزيد من‬
                                     ‫ويشمل الاستلاب الديني لمصر‬           ‫الغزو والاحتلال والاستلاب‬
   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139