Page 136 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 136

‫العـدد ‪33‬‬                         ‫‪134‬‬

                                     ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬

    ‫يقال‪ :‬الوطن العربي‪ ،‬أو الدول‬        ‫كمؤسسة دعوية تزعم العلمية‬         ‫المعاهد الأزهرية بكل مكان‪ ،‬وفي‬
‫العربية‪ ،‬أو الأمة العربية‪ ،‬أو الأمة‬      ‫لوقفة بل وقفات يضيق عنها‬        ‫القرى دائ ًما يظهر «فاعل أو فعلة‬
                                                                          ‫خير» للتبرع بقطعة من الأرض‬
                     ‫الإسلامية‪.‬‬                              ‫المجال‪.‬‬      ‫لبناء معهد أزهري من الابتدائية‬
        ‫مفترض أن يهدف التعليم‬                                           ‫للثانوية‪ ،‬و ُتجمع التبرعات‪ ،‬وعادة‬
  ‫المدرسي في بلد متحضر إلى بناء‬      ‫الالتهام الديني للتعليم‬              ‫يتوظف بالمعهد أقارب المتبرعين‬
   ‫شخصية الطفل‪ ،‬وتنمية قدراته‬           ‫العام ومناهجه‪:‬‬
‫العقلية وملكاته النقدية والإبداعية‪،‬‬                                           ‫ومحاسيبهم من القرية وما‬
   ‫وتأسيسه على القيم الإنسانية‪،‬‬          ‫تسربت للتعليم العام المفاهيم‬      ‫يجاورها‪ ،‬الحال كله خلطة من‬
    ‫وأن يتعرف على تاريخ بلاده‪،‬‬           ‫العقلية الرجعية دينية الأصل‬     ‫نوايا طيبة‪ ،‬وفساد‪ ،‬وحمو جوف‬
    ‫والحضارات الكبرى في تاريخ‬
 ‫البشرية بمصر القديمة‪ ،‬وبلاد ما‬            ‫في الحفظ والتلقين والعقاب‬                             ‫ديني‪.‬‬
  ‫بين النهرين‪ ،‬واليونان وغيرهم‪،‬‬          ‫البدني كوسيلة تربوية‪ ،‬حتى‬             ‫وتستقطب الكليات العلمية‬
   ‫والحاصل لدينا أنه مهما ُرفعت‬           ‫تكاد مدارسنا وجامعاتنا أن‬             ‫بالأزهر‪ ،‬متفوقي الثانوية‬
    ‫الشعارات‪ ،‬وتغيرت القيادات‪،‬‬          ‫تكون كتاتيب كبيرة‪ ،‬وفي عمق‬      ‫الأزهرية‪ ،‬يدخلونها بعقول ملعوب‬
   ‫هناك هدف ثابت لا يتغير وهو‬        ‫ممارساتها سمات العقل الرجعي‬              ‫في أساساتها رجعيًّا بشدة‪،‬‬
‫الاستلاب لصالح الرجعية الدينية‬           ‫الأخرى خاصة الخلط بين ما‬       ‫يلتحق الآخرون بالكليات الأخرى‬
     ‫بكل أجزاء العملية التعليمية‪،‬‬       ‫هو عقلي وما هو نقلي‪ ،‬وتوجيه‬        ‫كالشريعة الإسلامية‪ ،‬وأصول‬
   ‫خاصة المناهج التي يخفت فيها‬         ‫العملية التعليمية عامة والمناهج‬   ‫الدين حيث إعداد المشايخ بطريقة‬
     ‫البعد الإنساني مقابل تمجيد‬          ‫خاصة لترسيخ الانتماء فعليًّا‬      ‫منهجية مقتصرة على المنقولات‬
   ‫الماضي الاستعماري التوسعي‬           ‫وقوليًّا للكيان الرجعي باعتباره‬      ‫الرجعية‪ ،‬ولا تتضمن جوانب‬
  ‫للكيان الرجعي ونمذجته وإغفال‬        ‫المجد والمثال الذي ينبغي السعي‬        ‫مختلفة من المعرفة الإنسانية‪،‬‬
 ‫دمويته‪ ،‬وتقبيح الآخر وشيطنته‪،‬‬          ‫لاستعادته مع الاكتفاء ببعض‬        ‫فليست مصادفة تدني المستوى‬
  ‫خاصة الآخر الغربي‪ ،‬بلا توازن‬       ‫الأقوال فيما يخص الانتماء لمصر‬            ‫العقلي لمعظم المشايخ‪ ،‬وهم‬
 ‫ولا محاولة للاعتدال الموضوعي‪،‬‬       ‫التي يعتبرها الرجعي بطبعه جز ًءا‬       ‫منفصلون عن الواقع‪ ،‬يقولون‬
‫بل بالاشتعال العاطفي والشعارات‬          ‫من ذلك الكيان المفقود‪ ،‬والذي‬     ‫دائ ًما ما سبق وقالوه وما سوف‬
                                      ‫يقال له في الشكل الرسمي‪ :‬دولة‬       ‫يقولونه للأبد‪ ،‬وليست مصادفة‬
                                        ‫الخلافة‪ ،‬وفي الأشكال المراوغة‬       ‫كذلك أن يكثر خريجو الأزهر‬

                                                                                            ‫وطلابه بين‬
                                                                                        ‫أعضاء وقيادات‬

                                                                                              ‫الجماعات‬
                                                                                              ‫الإرهابية‪.‬‬
                                                                                             ‫والتفاصيل‬
                                                                                           ‫كثيرة للغاية‬
                                                                                            ‫بشأن شدة‬
                                                                                          ‫رجعية المناهج‬
                                                                                            ‫الأزهرية بل‬
                                                                                          ‫وباقي عناصر‬
                                                                                        ‫العملية التعليمية‬
                                                                                         ‫في الأزهر الذي‬
                                                                                        ‫يحتاج هو نفسه‬
   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141