Page 205 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 205

‫‪203‬‬         ‫الملف الثقـافي‬

‫فاطمة موسى‬  ‫شكري ع ّياد‬     ‫باول جليفورد‬                ‫اخترنا لأنفسنا المنهج العلمي‬
                                                        ‫القائم على المشاهدة إلى جانب‬
 ‫هو الالتفات إلى الظاهرة‬        ‫الإبداع‪ ،‬وهو يبحث في‬
    ‫الفنية وإخضاعها إلى‬        ‫كيفيات الإبداع‪ .‬ومن ثم‬       ‫الفرض والاستدلال‪ ،‬فقد‬
                            ‫فإنه سعى إلى تجاوز هذين‬      ‫وجب علينا ألا نفيد من هذا‬
  ‫مناهج العلم الإحصائي‬          ‫الفريقين اللذين يمثلان‬     ‫الاتجاه فائدة ذات خطر»‪.‬‬
      ‫والتجريبي‪ ،‬بعد أن‬     ‫التراث العلمي السابق عليه‪.‬‬
        ‫ظلت زمنًا طوي ًل‬        ‫وهو في سعيه هذا كان‬        ‫مما سبق نرى أن سويف‬
                                ‫مستجيبًا لمنطق التطور‬      ‫بعد أن حدد ميدان بحثه‪،‬‬
    ‫مجا ًل رحبًا للتأملات‬     ‫العلمي منذ نهايات القرن‬        ‫وبعد أن حدد موضوعه‬
  ‫الفلسفية‪ .‬وصارت هذه‬          ‫التاسع عشر الذي شهد‬      ‫الذي سيبحثه‪ ،‬اتخذ موقفين‬
   ‫الظاهرة مادة علم الفن‬
  ‫وعلوم أخرى‪ .‬واتسعت‬             ‫تحول البحث الفلسفي‬            ‫نقديين مهمين‪ :‬الأول‬
                            ‫التأملي حول ظواهر المجتمع‬     ‫موقفه من الاستطيقا ومن‬
    ‫موضوعات هذا العلم‬                                      ‫فلاسفتها‪ ،‬والثاني موقفه‬
 ‫من حيث الإبداع والتلقي‬         ‫والتاريخ والإنسان إلى‬     ‫من الفرويديين وهم علماء‬
                                  ‫علوم سعت إلى ضبط‬
   ‫الذي يتناوله الباحثون‬     ‫مجالها ومناهجها‪ ،‬وازداد‬          ‫النفس‪ .‬وأساس هذين‬
‫من زاويتين‪ :‬كيف يتعرف‬             ‫هذا التحول في القرن‬       ‫الموقفين واضح عنده كل‬
                                 ‫العشرين بعد أن احتل‬         ‫الوضوح‪ ،‬وهو اختلاف‬
      ‫العقل على الموضوع‬        ‫العلم بما توصل إليه من‬   ‫المنهج الذي يؤسس اختلاف‬
‫الجمالي؟ والثانية ما تأثير‬  ‫نتائج مكانة الفلاسفة الذين‬  ‫المفاهيم‪ ،‬واختلاف الإجراءات‬
                              ‫صاغوا منجزاتهم الكبرى‬        ‫المنهجية‪ ،‬ومن ثم ما ينتج‬
    ‫ذلك التعرف على عقل‬         ‫عبر تأملاتهم‪ .‬وكان من‬       ‫عن ذلك من نتائج‪ .‬فمنهج‬
‫المتلقي؟ وهاتان الزاويتان‬     ‫بين ما شهده هذا التحول‬        ‫فلاسفة الاستطيقا منهج‬
                                                          ‫استدلالي سواء أكان مجال‬
  ‫كانتا خاضعتين للتأمل‬                                      ‫البحث عندهم التذوق أم‬
     ‫الفلسفي قبل التقدم‬                                  ‫الإبداع أم هما م ًعا‪ ،‬والنتائج‬

   ‫العلمي‪ .‬وأصبح العمل‬                                       ‫التي انتهوا إليها‪ ،‬نتائج‬
  ‫في هاتين الزاويتين من‬                                       ‫ليست خاضعة للقياس‬
                                                         ‫العلمي ولا للتجربة وأسيرة‬
                                                        ‫النهج التأملي العقلي الخالص‪.‬‬
                                                             ‫ومنهج الفرويديين على‬
                                                         ‫الرغم من توجههم التحليلي‪،‬‬
                                                           ‫منهج غير دقيق علميًّا ولا‬
                                                        ‫تغذيه التجربة ولا المشاهدة‪،‬‬
                                                            ‫ويطبقون ما وصلوا إليه‬
                                                          ‫من نتائج استخلصوها من‬
                                                          ‫مشاهداتهم في ميادين غير‬
                                                          ‫ميادين الإبداع‪ ،‬على ميدان‬
                                                           ‫الإبداع‪ .‬هذا بالإضافة إلى‬
                                                            ‫علة جوهرية أخرى وهي‬
                                                              ‫أنهم يبحثون في منابع‬
   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210