Page 210 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 210

‫العـدد ‪33‬‬         ‫‪208‬‬

                                                                   ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬   ‫“أدنى” فعل حقيقي ‪realis‬‬
                                                                                 ‫‪ action‬وفيه إرادة وقصد‪.‬‬
 ‫تفسير الصور والمجازات‬          ‫ُيق ّرر فرويد أ ّن الحلم تعبير‬                    ‫‪ volitional‬ليس المتكلّم في‬
 ‫تفسيرات جنسيّة‪ ،‬فترمز‬           ‫ُمب ّطن عن رغبة‪ ،‬ث ّم يشرح‬                      ‫النّ ّص سائ ًرا ‪ ،trajector‬بل‬
‫الكهوف وال ُحفر والجحور‬                                                           ‫ُمسيّرا‪ ،‬وليس ث ّمة أرضيّة‬
                                     ‫نظر ّيته عن «الدوافع»‬                      ‫‪ ground‬يتح ّرك عليها‪ ،‬لأ ّنه‬
       ‫وما شابهها عندهم‬              ‫‪ drives‬التي تأتي من‬                         ‫دن ّو ليس كك ّل دن ّو‪ ،‬ومسير‬
     ‫إلى ال َف ْرج‪ ،‬بينما ترمز‬    ‫اللاوعي‪ ،‬ف ُتقا ِبلها ال ّرقابة‬
  ‫الأشكال والكائنات التي‬           ‫في العقل الواعي بالقمع‪،‬‬                                ‫ليس كك ّل مسير‪.‬‬
  ‫يزيد طولها عن عرضها‪،‬‬               ‫ف ُتل ِجئها إلى البحث عن‬                   ‫في الشطر الثاني فعل ذهن ّي‬
‫ومنها الثعابين‪ ،‬إلى العضو‬        ‫وسيلة تعبير غير مباشرة‬                          ‫‪ mental‬لازم هو «ظننت»‪.‬‬
                                    ‫في رموز ‪ symbols‬أو‬
                ‫الذكري)‪.‬‬             ‫صور مكثّفة‪ ،‬دلالاتها‬                         ‫ولا ب ّد لك ّل فعل ذهني من‬
   ‫وقد انتفع فرويد كثي ًرا‬            ‫بعيدة‪ ،‬تشبه الصور‬                              ‫ذاهن وما يذهن‪ُ ،‬مد ِرك‬
    ‫بالأساطير والأدب في‬             ‫البلاغيّة والمجاز ّية‪ .‬وفي‬
  ‫بلورة أطروحاته في علم‬          ‫تحليل النكت والمزح‪ ،‬وكذا‬                         ‫وما ُيد ِرك‪ ،‬حا ّس ‪senser‬‬
   ‫النّفس‪ .‬ويمكن أن ُينظر‬             ‫تحليل ز ّلت اللسان‪،‬‬                       ‫ومحسوس ‪.phenomenon‬‬
  ‫إلى نموذجه التحليلي عن‬           ‫والأعراض العصابيّة في‬
   ‫عقدة أوديب ‪Oedipus‬‬                ‫كتابات فرويد اللاحقة‬                           ‫يظ ّن المتكلّم “أ ّنك أ ّني”‪،‬‬
    ‫‪ complex‬كما لو كان‬           ‫مزيد من الأضواء على هذا‬                           ‫أي “أ ّنني أكون أنت”‪ ،‬أو‬
                                                                                 ‫“صر ُت أنت”‪ ،‬أو “أ ّنك أنت‬
      ‫تعقيبًا على مسرحيّة‬                 ‫التفريغ بالتعبير‪.‬‬
     ‫سوفوكليس (أوديب‬                 ‫وبين القصيدة والحلم‬                                   ‫أنا” و”أنا أنت”‪.‬‬
      ‫الملك)‪ .‬وقد استخدم‬           ‫نقطتا تلا ٍق مه ّمتان هما‬                    ‫على المستوى الأول‪ ،‬مستوى‬
     ‫ذلك النموذج في حلّه‬          ‫التكثيف ‪condensation‬‬
   ‫لغز مسرحيّة (هاملت)‪.‬‬          ‫والإزاحة ‪displacement‬‬                               ‫الح ّب البشري‪ ،‬تتقلّص‬
    ‫كذلك اجتهد فرويد في‬         ‫تناظران الاستعارة والكناية‬                       ‫المسافة بين مح ّب ومحبوبه‬
    ‫تطبيق طريقة التحليل‬              ‫في تص ّور جيكبسون‪.‬‬
  ‫النفسي في دراسة كتّاب‬                                                            ‫حتّى تتلاشى وتنتهي إلى‬
  ‫ومؤلفين كانوا قد ماتوا‬               ‫(وعلى هذا الأساس‪،‬‬                        ‫حالة من التق ّمص ‪empathy‬‬
   ‫منذ زمن بعيد‪ ،‬فأرسى‬             ‫نزع الن ّقاد النفسيّون إلى‬
      ‫بذلك قواعد السيرة‬                                                           ‫والتماهي ‪.identification‬‬
      ‫أو الترجمة النفسية‬                                                              ‫وعلى المستوى الثاني‪،‬‬
    ‫‪،psychobiography‬‬
    ‫وفيها بح ٌث عن جذور‬                                                         ‫مستوى الح ّب الإلهي‪ ،‬يكون‬
    ‫سمات كتابة مؤلّف في‬                                                          ‫الفناء في الذات الإلهية حتّى‬
  ‫حالات وأسباب عصابية‬
                                                                                    ‫يصير الخالق هو المبتدأ‬
          ‫ومرضيّة شتّى‪.‬‬                                                           ‫والخبر م ًعا‪ ،‬ويفنى المح ّب‬
    ‫تأسي ًسا على ما سبق‪،‬‬
    ‫ُيستطاع اختزال منهج‬                                                               ‫الصوف ّي عن ك ّل شيء‬
  ‫فرويد إلى ثلاث مق ّدمات‬                                                           ‫وك ّل موجود سوى الله‪.‬‬
   ‫كبرى يقوم عليها وهي‬                                                            ‫في الحالة الأول تقترب أنا‬
    ‫(‪ )1‬أ ّن معظم العمليات‬                                                        ‫بشر ّية من أنا بشر ّية ‪ego‬‬
‫الذهنيّة عمليات غير واعية‪،‬‬                                                         ‫أخرى لتتحدا‪ ،‬وفي الحالة‬
                                                                                    ‫الثانية‪ ،‬يقع التقريب على‬
                                                                                   ‫أنا بشر ّية بإرادة أنا عليا‬
                                                                                     ‫‪ superego‬ليكون فناء‬
                                                                                 ‫البشر ّي في الإلهي‪ ،‬المحدود‬

                                                                                             ‫في اللامحدود‪.‬‬
   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214   215