Page 209 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 209

‫الملف الثقـافي ‪2 0 7‬‬

  ‫أن يكون «ملا ًكا»‪ ،‬ويريد‬       ‫ُينسب إلى سيجموند‬             ‫نقد الشّ عر من وجهة نظر التحليل النفسي‬
      ‫«الهو» منه أن يكون‬         ‫فرويد ‪ Freud‬رائد‬

 ‫«شيطا ًنا»‪ ،‬ووظيفة «الأنا»‬      ‫التحليل النفسي قوله‬
   ‫العاقلة هي الموازنة بين‬
                 ‫الاثنين‪.‬‬        ‫«أينما ذهبت‪ ،‬وجد ُت أ ّن‬
           ‫دنى ِمن َك حتّى‬       ‫شاع ًرا قد ذهب إلى هناك‬
  ‫ظنن ُت أ ّنك أ ّني (الح ّلج)‬   ‫من قبلي»‪Everywhere I‬‬

‫ما دام ال ّشاعر الح ّلج‪ ،‬فلا‬     ‫‪go I find that a poet‬‬
‫ب ّد من أن ننظر إلى «المحبّة»‬
                                 ‫‪has been there before‬‬
  ‫من جهتين‪ :‬جهة بشر ّية‬          ‫‪ .me‬وكأ ّنه يريد أن يقول‬
     ‫وجهة إلهيّة إشراقيّة‪.‬‬
    ‫هذه مقاربة من خارج‬           ‫إ ّن الشعراء قد سبقوه إلى‬
                                 ‫ارتياد ك ّل مجاهل النّفس‬
  ‫النّ ّص‪ ،‬مقاربة استنباطيّة‬     ‫البشر ّية‪ .‬ولعلّه لا يقول‬
   ‫‪ deductive‬من السياق‬           ‫جدي ًدا‪ ،‬لأ ّن العلاقة بين‬
‫إلى النّ ّص‪ُ .‬تستطاع مقاربة‬      ‫الأدب والنفس البشر ّية‬
  ‫البيت من داخله‪ ،‬مقاربة‬         ‫“سابقة على ك ّل معرفة‬
‫استقرائيّة ‪ ،inductive‬من‬         ‫علميّة بهذه النّفس البشرية‪،‬‬
  ‫النّ ّص إلى السياق‪ .‬تعرف‬       ‫وعلى ك ّل معرفة علمية أي ًضا‬
‫هاتان الطريقتان في القراءة‬       ‫بالأدب»‪( .‬به ّي‪ ،1991 ،‬ص‬
‫بالقراءة من أعلى إلى أسفل‬                           ‫‪)133‬‬
 ‫‪ top-down‬والقراءة من‬
 ‫أسفل إلى أعلى ‪bottom-‬‬           ‫يستعمل النقد (التحليلي)‬
‫‪ up‬على الترتيب‪ ،‬من العا ّم‬
    ‫إلى التفاصيل الخا ّصة‪،‬‬       ‫النفسي ‪Psychoanalytic‬‬
‫ومن التفاصيل إلى الصورة‬
                                 ‫‪ Criticism‬طر ًقا ومنهجيّات‬
            ‫الكليّة العا ّمة‪.‬‬    ‫تقوم على نظر ّيات التحليل‬
‫في البيت فعل «دنا” اللازم‬        ‫النفسي‪ .‬وهو منهج‬

     ‫يصير بزيادة الهمزة‬          ‫تفسيري‪ ،‬ليس فيه كثير‬
‫متعد ًيا‪ ،‬والفاعل المُح ِّرك هو‬  ‫من الانشغال ببناء النّص‬
 ‫المخاطب “أنت”‪ ،‬ومن يقع‬
                                 ‫الأدبي أو بلاغته‪ ،‬ولا‬
  ‫عليه فعل الفاعل‪ ،‬أي من‬
  ‫يتح ّرك‪ ،‬هو “أنا” المتكلّم‬     ‫ُيستطاع الاستناد إليه في‬
                                 ‫تقييم ن ّص أدب ّي‪ .‬جذور هذا‬
     ‫في الجملة‪ .‬ك ّل هذا في‬        ‫التو ّجه هي طريقة تحليل‬
 ‫“أدنيتني” أي “ق ّربتني”‪.‬‬        ‫الأحلام التي شرحها فرويد‬

     ‫ث ّم يشير حرف الجر‬          ‫في كتابه (تفسير الأحلام)‬
   ‫“من” إلى جهة التقريب‬
   ‫وهي تقريب إلى “كاف”‬           ‫‪The Interpretation of‬‬
   ‫المخاطب في “منك”‪ ،‬أي‬
                                 ‫‪ ،1900 ،Dreams‬وفي‬
      ‫تقريب “إليك”‪ .‬فعل‬
                                 ‫قسمته العقل إلى «أنا»‬

                                 ‫و»هو» و»أنا عليا»‪ .‬بعبارة‬
                                 ‫جوي ِرن ‪ Guerin‬وآخرين‬
                                 ‫(‪ ،2005‬ص ‪ ،)158‬تريد‬           ‫د‪.‬بهاء الدين‬

                                 ‫محمد مزيد «الأنا العليا» من الإنسان‬
   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214