Page 206 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 206

‫العـدد ‪33‬‬                             ‫‪204‬‬

                                 ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬                         ‫مهمة علماء النفس الذين‬
                                                                 ‫يدرسون إحصائيًّا وتجريبيًّا‬
 ‫النشاط بدليل أنهم يطلقون‬           ‫إلى كشف كيفيات الإبداع‬        ‫عمليات الإدراك والإحساس‬
 ‫عليه اس ًما واح ًدا هو النقد»‪.‬‬    ‫في التصوير وفي العلم وفي‬
‫لذلك اتجه إلى تحديد مفهوم‬         ‫التذوق وأكد أن العلم والفن‬       ‫الجماليين وعمليات الإبداع‬
 ‫للنقد يمثل المشترك الأعظم‬       ‫مجالان غبر متقابلين للإبداع‬      ‫الفني عند الفنانين‪ .‬وقد نحا‬

     ‫بين المفاهيم التي قدمها‬           ‫وأنهما أساس التكامل‬          ‫سويف هذا المنحى العلمي‬
   ‫أهل الاختصاص من أجل‬             ‫الاجتماعي للحضارات‪ .‬كل‬        ‫الخالص في دراسة موضوع‬
  ‫أن يحدد مجال إفادة النقد‬          ‫هذه الاستبصارات مهدت‬         ‫الإبداع الفني‪ ،‬وهو موضوع‬
  ‫الأدبي من العلوم النفسية‪.‬‬                                      ‫يسبق التلقي أي يسبق العمل‬
                                     ‫الطريق أمام النقد الأدبي‬
     ‫هذا الجذر المشترك هو‬             ‫ليفيد منها في النظر إلى‬      ‫الأدبي أو الفني ويفتش في‬
    ‫“تقويم الأعمال الأدبية”‬                                       ‫الكيفيات العقلية والوجدانية‬
   ‫الذي يتضمن ثلاثة أسئلة‬         ‫العمل الأدبي‪ .‬وفتح سويف‬
    ‫تمثل مجال النقد الأدبي‬           ‫بأبحاثه في مجال الإبداع‬         ‫التي يمر بها المبدع حتى‬
  ‫والفني‪ ،‬هي‪ :‬ماذا في العمل‬           ‫خاصة با ًبا واس ًعا أمام‬      ‫يستوي أمامه هذا العمل‪.‬‬
 ‫الفني يؤثر فينا هكذا؟ ومن‬                                        ‫وهذا اللون من البحث ليس‬
   ‫أين له هذه المادة المؤثرة؟‬      ‫الدارسين في مصر وغيرها‬         ‫من عمل النقاد ولا اللغويين‬
‫وما طبيعة التأثير وما مداه؟‬            ‫من البلاد الذين اهتدوا‬
‫تتناول هذه الأسئلة الأنسجة‬                                             ‫ولا مؤرخي الأدب ولا‬
     ‫التي يتكون منها العمل‬       ‫بمنهجه في دراسة الإبداع في‬       ‫الفلاسفة ولكنه مهمة علمية‬
‫الفني (العناصر والعلاقات)‪.‬‬         ‫فنون أخرى مثل التصوير‬         ‫من مهمات علماء النفس مثل‬
  ‫فالعناصر هي قوام العمل‬          ‫والسينما والمسرح والرواية‬
 ‫الأدبي أو الفني‪ ،‬والعلاقات‬                ‫والقصة القصيرة‪.‬‬                          ‫سويف‪.‬‬
 ‫هي صلات العمل بحاضره‬              ‫وفي مجال الصلة بين النقد‬            ‫ومن أهم ما انتهى إليه‬
 ‫وماضيه من حيث تاريخيته‬             ‫الأدبي‪ ،‬وبحوث علم نفس‬            ‫سويف‪ ،‬القطيعة العلمية‬
 ‫واجتماعيته‪ .‬وبناء على ذلك‬                                          ‫بين الفلاسفة‪ ،‬وهذا اللون‬
     ‫رأى أن العلوم النفسية‬       ‫الإبداع والتلقي‪ ،‬كتب سويف‬          ‫من البحث‪ ،‬وكف الخوض‬
‫درست اللغة باعتبارها نظا ًما‬          ‫بحثًا مه ًّما باسم «النقد‬     ‫بلا علم في مسألة كيفيات‬
 ‫من أنظمة التواصل وميزت‬                                           ‫الإبداع‪ .‬ومنه أي ًضا‪ ،‬التأكيد‬
   ‫بينها وبين اللغة في العمل‬        ‫الأدبي ماذا يمكن أن يفيد‬        ‫أن الشاعر وإن كان يتز َّيا‬
   ‫الأدبي ورأت هذه العلوم‬         ‫من العلوم النفسية الحديثة»‬          ‫بقدر من العبقرية‪ ،‬فإنه‬
  ‫أن مشكلة المعنى أعقد مما‬         ‫فصول‪ ،‬العدد الأول‪ ،‬مجلد‬             ‫ذو طبيعة بشرية ليس‬
  ‫نتصور‪ ،‬فراحت تفرق بين‬                                           ‫مفار ًقا لا لماضيه ولا لإطاره‬
‫نوعين من المعنى هما‪ :‬المعنى‬          ‫‪1983 ،4‬م‪ .‬بدأه بسؤال‬         ‫الاجتماعي العام ولا لإطاره‬
  ‫الإشاري والمعنى التوقعي‪،‬‬       ‫محوري هو‪ :‬ما النقد الأدبي‬        ‫النوعي الخاص‪ ،‬وأن إبداعه‬
  ‫وأفاضت في دراسة فروع‬            ‫والفني؟ وبعد أن قدم طائفة‬        ‫ينمو في سياق من التناسق‬
    ‫المعنى في هذين النوعين‬        ‫من المفاهيم لنقاد وكتاب في‬
‫والمعاني تتجسد في أصوات‪،‬‬           ‫الشرق والغرب وفي القديم‬               ‫والنظام بحيث يمكن‬
    ‫لذلك اتجهت الأبحاث إلى‬       ‫والحديث والمعاصر انتهى إلى‬          ‫إخضاعه للدرس العلمي‪،‬‬
‫دراسة تأثير هذه الأصوات‪.‬‬           ‫خلاصة «أننا لا نجد أمامنا‬        ‫كما درس موضو ًعا ذاتيًّا‬
 ‫كما توقفت هذه العلوم عند‬         ‫صيغة نظرية لتحديد ماهية‬            ‫مثل الإلهام‪ ،‬وأن للإبداع‬
                                  ‫النقد الأدبي والفني تحدي ًدا‬
                                                                      ‫شرو ًطا اجتماعية‪ ،‬وأن‬
                                     ‫صري ًحا يلتقي عنده أهل‬         ‫سويف بهذه المتحصلات‪،‬‬
                                 ‫الاختصاص‪ .‬ومع ذلك فأهل‬              ‫سعى في دراسات أخرى‬

                                   ‫الاختصاص يعرفون أنهم‪،‬‬
                                   ‫على تباين وجهات نظرهم‪،‬‬
                                   ‫يمارسون جن ًسا واح ًدا من‬
   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210   211