Page 215 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 215
الملف الثقـافي 2 1 3
حبيب الصايغ علي جعفر الع ّلق رفعت سلام بين ال ّشاعر والمتلقي
حد ٌث لم يكن ُيتو ّقع« -م ّر، القريب .الشعراء يحلّقون إلقاء اللوم على الطرف
بغت ًة ،شراع»: عاليًا بشعرهم في آفاق المقابل في قضية تل ّقي
الشعر قديم في التراث
على ضفاف بح ّر الوق ِت التجريب والتغريب ،والنقاد الأدبي العربي ،وحكاية أبي
م َّر ،بغتة ،شراع يجتهدون في مباراتهم ت ّمام مع من أراد تبكيته
بعد أن سمع بعض شعره
واحتا َر فيه الناس- وتجاوزهم ،والكثرة الكاثرة يرد ذكرها في كثير من
قا َل الغري ُب :إ ّنه خيوط من الجمهور تلوذ بال ّشعر كتب النقد والأدب ،وفيها
السهل المجت ّر العاطفي يسأل المستمع أبا ت ّمام:
عين الشمس الدارج. «لم لا َتقول من ال ّشعر ما
قا َل المُغنِّي :إ ّنه البياض ُيعرف؟ -وفي رواية ما
واستدرجه نحو السماء نصوص وهوامش ُيفهم؟ -فأجابه أبو ت ّمام
«ولم لا َتعرف -وفي رواية
قوس ( )1شراع ..وترميز لا َتفهم -من ال ّشعر ما
وقالت المرأ ُة :بل تشكيل قصيدة ( ِشراع) لحبيب ُيقال؟» .يقول ابن رشيق
الصايغ «أيقونة لغو ّية» تعقيبًا على إجابة أبي
مو ٍج تمام «ففضحه» (العمدة،
هائ ٍج في الرأس. بعبارة النّقاد الجدد، ص .)140وفي حكاية أخرى
-حبيب الصايغ :شراع، فيها إزاحة ،وتصدير، تح ّداه بعض سامعيه أن
الأعمال الشعر ّية.2012 ، واستعارات وكنايات ،أي يأتيه بكأس من «ماء الملام»
أول الإزاحة إضافة اختيار واندماج بعبارة فأجابه أبو ت ّمام أ ّنه يقبل
«ضفاف» و»بحر» إلى الشكليين ،وفيها تكثيف شريطة أن يأتيه السامع
«الوقت» .تشير «ضفاف» وترميز ،وفيها حوار ّية بريشة من «جناح ال ّذ ّل».
إلى مكان ،و»الوقت» إلى وتع ّدد أصوات وتعبيرات استنكر السامع على الشاعر
زمان .وبين الضفتين عن وجهات نظر .وبذرتها التخييل والاستعارة ،فر ّده
فترة قد تكون يو ًما وقد الشاعر الخبير إلى القرآن
الكريم .وكأ ّنه يقول له
«هيا اعترض على كلام الله
وما فيه من مجاز!» .كان
البحتري أكثر عن ًفا وهو
يقول:
عليّ نح ُت القوافي من
مقا ِط ِعها
و َما عليّ إذا لم َتفهم البق ُر
ما زالت القضية معروضة
لم تحسم بعد ،ولا يبدو
أ ّنها ستحسم في المستقبل