Page 219 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 219
الملف الثقـافي 2 1 7
محمود أمين العالم مصطفى سويف عبد الرحمن الشرقاوي فيها ،ولا يحسنون وصفها،
أو كشف غموضها ،لكنهم
المقارعة أو المناقلة ،أو عند التأليف ،وألفا ًظا أخرى، يؤكدون وجودها ،وأنها
صراع أو في حرب ،فما هو كلها تعني :الطبع. حالة «لا واعية» يبدو المبدع
فيها مدفو ًعا إلى القول،
إلا أن يصرف وهمه إلى في بدء ظهور مصطلح بعد أن ينتابه «شعور»،
جملة المذهب وإلى العمود الطبع تفهم أنه لا يوجد هذا الشعور يأتيه مرا ًرا،
أي تاريخ خفي خاص وفي كل مرة يتم التخلص
الذي إليه يقصد فتأتيه للقصيدة ،وأن هذا هو منه بنشاط ما .كالمشي أو
المعاني أرسا ًل وتنثال عليه الأصل ،ففي لحظة ما، الخروج أو تفريغ التوتر
الألفاظ انثيا ًل» .هذا كلام ولسبب ما ،يقف شخص بالأكل أو التدخين ،ولكن
وينطق بالشعر كما هو تأتي مرة من نوبات هذا
عجيب وغريب ،ملخصه: عليه ،وأشهر تعبير عن الشعور يجد المبدع أنها
أن الشاعر يريد أن يقول ذلك ما قاله الجاحظ في «حالة كتابة» ،وعجز كل
البيان والتبيين« :وكل أصدقائي عن تمييز هذه
فيقول ،وتأتيه المعاني شيء للعرب فإنما هو الحالة ،ولماذا لا يتم تفريغ
والألفاظ .بهذا لا يوجد بديهة وارتجال وكأنه إلهام هذا الشعور كما يحدث
أي تاريخ خفي للقصيدة، وليست هناك معاناة ولا غالبًا من خلال نشاط آخر
فهي بنت لحظتها ،يرتجلها مكابدة ولا إجالة فكرة غير الكتابة.
الشاعر من فوره .ومن ولا استعانة ،وإنما هو أن راجع ُت التراث النقدي
المدهش أن هذا الكلام يصرف وهمه إلى الكلام والبلاغي عندنا .وجدت
يناقض ما يروى عن سيد وإلى رجز يوم الخصام، كلا ًما كثي ًرا حول «الطبع
شعراء الجاهلية ،زهير أو حين يمتح على رأس
بن أبي سلمى صاحب بئر أو يحدو ببعير أو عند والصنعة» يقترب من تخوم
الشعر المحكك والحوليات، هذا العالم .ومن المدهش أن
وتلميذه الحطيئة ،لذلك الحديث عن «الطبع» يشغل
يتحدث عنهما الجاحظ حي ًزا لا بأس به من كتابات
القدامى ،ولكنه لا يظهر في
المراجعات النقدية للتراث
البلاغي والنقدي ،كما أنه لا
يظهر في النقد الحديث ،فمن
زمن متقدم ،ربما في نهايات
القرن الأول الهجري يظهر
مصطلح الطبع ،وتتابع
ألفاظ في التعبير عن معنى
الطبع فتجد في التراث
البلاغي والنقدي :الطبع
والإلهام والحظوظ والغرائز
والموهبة والارتجال
والقول على البديهة وحسن