Page 224 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 224

‫العـدد ‪33‬‬          ‫‪222‬‬

                                                          ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬        ‫المختصون بالدراسات‬
                                                                          ‫النفسية هذا الفتح من بعد‬
    ‫من خمسة عشر عا ًما‪،‬‬      ‫وكلما تقدم لي مقطع أو عدة‬
‫فهي إذن لم تنبثق بصورة‬          ‫أبيات أعدتها على سمعي‬                             ‫مصطفى سويف‪.‬‬
                                         ‫بصوت عال»‪.‬‬                        ‫وفي نتائج الإجابات تتفق‬
    ‫مفاجئة وقت التأليف‪،‬‬          ‫أما الوضع الطبيعي في‬                   ‫خمس إجابات بصريح اللفظ‬
  ‫بل تمخضت عنها النفس‬
  ‫طوي ًل‪ ،‬فكانت مضغة ثم‬      ‫إبداع الشعر فهو «الصنعة»‬                       ‫على الشهادة بأن معظم‬
   ‫علقة ثم جنينًا‪ ،‬حتى إذا‬      ‫أو «التكلف» بلغة التراث‬                ‫القصائد لا تبزغ دفعة واحدة‬
 ‫جاء ميقات وضعها كانت‬            ‫النقدي والبلاغي‪ ،‬وهو‬
‫مخلو ًقا سو ًّيا»‪ .‬وهو كلام‬      ‫معاودة النظر والتنقيح‬                   ‫دون أن يكون لها مقدمات‪،‬‬
‫قريب من كلام خليل مردم‬        ‫والتهذيب‪ ،‬وهذا أمر ذكره‬                       ‫والإجابتان الأخريان لا‬
                                                                              ‫تشذان عن هذا الرأي‬
    ‫بك عن آخر قصيدة له‬        ‫كل الشعراء السبعة‪ ،‬وقاله‬
    ‫«إن صورها عاشت في‬           ‫كل واحد بطريقته‪ ،‬فذكر‬                    ‫ولكنهما توضحانه‪ .‬كما أن‬
‫نفسي قبل الكتابة طوي ًل»‪.‬‬        ‫أحمد رامي «أنا لا أفهم‬                   ‫الشاعر لا يقصد إلى إبداع‬
   ‫وستجد نفس المعنى في‬        ‫أن يقال إن القصيدة تبزغ‬                   ‫قصيدة على أساس «مخطط»‬
                                 ‫وقت النظم فحسب‪ ،‬بل‬
     ‫إجابات بهجة الأثري‬          ‫على العكس من ذلك إن‬                        ‫ثابت موضوع من قبل‪.‬‬
            ‫ورضا صافي‪.‬‬                                                      ‫ثمة إحساس بأن بعض‬
                              ‫بعض القصائد تعيش معي‬                     ‫القصائد تشبه الإلهام وتكون‬
‫إن إجابات الشعراء تنسف‬          ‫فكرتها عدة سنوات قبل‬                        ‫سلسة بالنسبة للشاعر‬
     ‫كلام الأصمعي الذي‬          ‫أن أنظمها»‪ .‬وقال محمد‬                      ‫وربما يفرغ منها في ليلة‪،‬‬
                                  ‫مجدوب عن آخر نص‬                        ‫وبتعبير محمد الأسمر‪ :‬إن‬
  ‫بنى عليه الجاحظ تحيزه‬         ‫له كتبه قبيل الإجابة على‬               ‫من الشعر ما يؤاتي في بعض‬
‫للعرب ضد الفرس‪ ،‬وردده‬                                                  ‫الأوقات من غير إجهاد نفس‪،‬‬
                               ‫أسئلة الاستخبار‪ ،‬إن آخر‬                 ‫فأفرغ منه وكأنما كنت أحلم‬
  ‫الدارسون من بعده‪ ،‬فلا‬         ‫قصيدة له «هي خطرات‬                          ‫حل ًما هاد ًئا جمي ًل»‪ .‬لكن‬
   ‫يمكن الوثوق بأي رأي‬            ‫قديمة أحسها كل يوم‬                      ‫هذا النوع من الخلق الفني‬
‫يذهب إلى أن الشاعر يقرر‬          ‫وتكاد تغلب على كل ما‬                      ‫في اعتراف الشاعر قليل‪،‬‬
    ‫الكلام فيقول‪ ،‬ومن ثم‬       ‫أنظم من الشعر منذ أكثر‬                    ‫ومحمد الأسمر يصف هذا‬
   ‫سننظر إلى أخبار تتردد‬                                                   ‫الضرب من الخلق الفني‬
     ‫كثي ًرا في التراث بعين‬                                               ‫بقوله‪« :‬والذي مر عليّ من‬
                                                                            ‫هذا قليل‪ ،‬وأكثر شعري‬
                                                                       ‫لاقيت في نظمه ما كنت أشعر‬
                                                                        ‫معه أني أحترق كما تحترق‬
                                                                       ‫الشمعة»‪ .‬وهذا النوع الهادئ‬
                                                                       ‫من الإبداع كما يقول الشعراء‬
                                                                         ‫عنه يحتاج إلى ليلة أو يوم‪،‬‬
                                                                           ‫وهذا واضح من إجابات‬
                                                                        ‫عادل الغضبان عن «قصائد‬
                                                                          ‫النوع الأول أفرغ منها في‬
                                                                       ‫ليلتها‪ ،‬يساعدني على توليدها‬
                                                                         ‫تدخين اللفافة وراء اللفافة‪،‬‬
   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229