Page 228 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 228

‫العـدد ‪33‬‬          ‫‪226‬‬

                                                          ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬      ‫«ومن الطبيعي أن تسود‬
                                                                          ‫مرحلتنا الحاضرة مظاهر‬
           ‫ظاهرة الإبداع‪.‬‬        ‫وإذا كانت العبقرية هي‬                 ‫الانطواء ما دامت هذه المرحلة‬
   ‫وفي هذا السياق‪ ،‬يرتكز‬        ‫ضرب معقد من التكيف‪،‬‬                    ‫خطوة نحو تكيف جديد‪ ،‬وفى‬
  ‫سويف على فكرة التكيف‬       ‫فكيف يمكن أن نفهمها بهذا‬                    ‫استطاعتنا أن نعتبر نهضة‬
  ‫من ناحية وفكرة ارتباط‬      ‫المعنى؟ بعبارة أخرى‪ ،‬ماهي‬
    ‫الفن بالحياة من ناحية‬     ‫العناصر المعقدة الداخلة في‬                     ‫العلوم الإنسانية‪ ،‬أعني‬
    ‫أخرى‪ ،‬وهما الفكرتان‬       ‫صميم الشخصية العبقرية‬                      ‫العلوم التي تجعل الإنسان‬
                                ‫بحيث تجعلها تتكيف مع‬                      ‫موضو ًعا لها كعلم النفس‬
      ‫اللتان اشتغل عليهما‬      ‫المجتمع بنحو مختلف عن‬                    ‫وعلم الاجتماع بوجه خاص‬
     ‫في المباحث الأولى من‬                                              ‫مظه ًرا من بين هذه المظاهر»‪.‬‬
‫الدراسة‪ .‬ويخلص في نهاية‬                ‫الإنسان العادي؟‬
    ‫التحليل الي أن الشاعر‬       ‫وإذا كان سويف قد ذكر‬                                       ‫(ص‪)٥‬‬
  ‫يحتاج إلى الآخر‪ ،‬أي إلى‬                                               ‫وإذا كان التكيف‪ ،‬فيما يرى‬
‫المجتمع‪ ،‬وهو ما يطلق عليه‬        ‫أن اختلاف الإبداع عن‬                     ‫سويف‪ ،‬هو الأساس الذي‬
 ‫«النحن»‪ ،‬وعن هذا المعنى‬         ‫سائر العمليات الأخرى‬
                              ‫التي يمارسها الكائن الحي‬                    ‫تنبني عليه قدرة الإنسان‬
                   ‫يقول‪:‬‬       ‫هو اختلاف في الدرجة لا‬                     ‫على التحول من القديم إلى‬
  ‫«إن ما يدفع العبقري إلى‬     ‫في النوع‪ ،‬فما هي الصورة‬                     ‫الجديد‪ ،‬فهو أي ًضا السبيل‬
                                 ‫التي تأتي عليها أنشطة‬                  ‫الذي يمكن من خلاله الربط‬
   ‫حركته هو قوة الحاجة‬                                                    ‫بين الفن والحياة‪ ،‬فما هي‬
 ‫إلى النحن‪ ،‬وإن هذه القوة‬          ‫المبدع في سبيله نحو‬                    ‫علاقة التكيف بالفن؟ وما‬
‫نفسها لتبدو في حياة أبناء‬                      ‫التكيف؟‬
                                                                                   ‫علاقته بالحياة؟‬
   ‫المجتمع ممن ليسوا من‬          ‫يحتاج الأمر إلى دراسة‬                         ‫يجيب سويف قائ ًل‪:‬‬
   ‫العبقرية في شيء‪ ،‬تبدو‬         ‫مفهوم العبقرية بعامة‪،‬‬                    ‫«والتكيف أو التوافق بهذا‬
                                  ‫وعبقرية الشاعر بنحو‬                     ‫المعنى غاية النشاط الفني‪،‬‬
     ‫في هذه الرابطة المتينة‬  ‫خاص لمعرفة الإجابة‪ .‬وهذا‬                  ‫كما أنه غاية كل نشاط حي‪..‬‬
  ‫الخفية التي تربط بينهم‪،‬‬       ‫ما سنتناوله في السطور‬                      ‫وفي غمرة هذه العمليات‪،‬‬
   ‫والتي تجعل من الحياة‬                                                    ‫نجد الإبداع الفني عملية‬
                                                ‫التالية‪.‬‬                  ‫يقوم بها الفنان في طريقه‬
      ‫الاجتماعية ضرورة‬                                                   ‫نحو التكيف‪ ،‬وكذلك في أي‬
    ‫للإنسان‪ ،‬تتخذ أشكا ًل‬      ‫مفهوم العبقرية‬                           ‫ميدان بالنسبة لأي عبقري‪.‬‬
   ‫مختلفة باختلاف شتى‬                                                       ‫والعبقرية ليست سوى‬
  ‫الظروف البالغة التعقيد‪،‬‬     ‫في تحديده لمفهوم العبقرية‬                     ‫ضرب معقد من التكيف‬
    ‫لكنها على كل حال هي‬         ‫يعتمد سويف في منهجه‬                    ‫لأنها تتم في مجالات غاية في‬
     ‫هي من حيث دلالاتها‬          ‫التجريبي على شهادات‬                   ‫التعقيد‪ ،‬واختلاف الإبداع عن‬
‫الدينامية‪ ،‬ولو أن ما يسود‬        ‫ورسائل المبدعين حول‬                   ‫سائر العمليات التي يمارسها‬
    ‫من توازن‪ ،‬إلي حد ما‪،‬‬                                                   ‫الحي اختلاف في الدرجة‬
    ‫يخفى الأعماق الكامنة‬      ‫نشاطهم الإبداعي‪ ،‬وينطلق‬                  ‫فحسب‪ ،‬لا في النوع‪ .‬من ذلك‬
                             ‫في تحليله من رؤية تكاملية‬                    ‫يبدو أن النشاط الفني من‬
       ‫وراءه»‪( .‬ص‪)١٥٤‬‬         ‫تجمع بين البعدين النفسي‬                  ‫حيث هو عملية‪ ،‬تمتد جذروه‬
      ‫والشيء المهم في هذا‬    ‫والاجتماعي‪ .‬وتتبدي براعة‬                   ‫في أعماق الحياة»‪( .‬ص‪)٥٤‬‬
     ‫الاستنتاج أن سويف‬        ‫التحليل في القدرة على هذا‬
  ‫يساوي‪ ،‬بشجاعة ُيحسد‬         ‫المزج الموفق بين عنصرين‬
       ‫عليها‪ ،‬بين العبقري‬
    ‫والإنسان العادي‪ ،‬كما‬       ‫متباعدين يدوران في فلك‬
     ‫سبق وأن ساوي بين‬        ‫ظاهرة واحدة معقدة‪ ،‬أعني‬
   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233