Page 229 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 229

‫‪227‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫جون كيتس‬                ‫بيرسي بيش شيلي‬                     ‫العملية الإبداعية وباقي‬
                                                              ‫العمليات الحيوية الأخرى‬
    ‫الآخرين‪ ،‬وهو في هذا‬          ‫آراء الآخرين في شعره‬       ‫التي يقوم بها الكائن الحي‪.‬‬
  ‫السبيل يحاول أن يق ّرب‬      ‫من ناحية أخرى‪ ،‬مسألتان‬
                              ‫توحيان بنفور الشاعر من‬            ‫وهو في سلوكه هذا إنما‬
     ‫المثل الأخلاقية العليا‬  ‫المجتمع وشعوره بالاغتراب‬         ‫يرتد بالعبقري إلى أصوله‬
   ‫إلى أذهان الخاصة من‬         ‫تجاهه‪ ،‬لكن سويف‪ ،‬فيما‬         ‫الإنسانية الأولى‪ ،‬وبالعملية‬
  ‫قراء الشعر‪ ،‬يق ّربها كما‬                                 ‫الإبداعية إلى أصولها الحيوية‬
 ‫يستطيع هو كشاعر‪ ،‬إنه‬               ‫نرى‪ ،‬إنما كان معنيًّا‬      ‫الأولى كذلك‪ .‬ولكي نقف‬
‫يريد أن يصلح العالم لأنه‬      ‫بالتأكيد على حضور الآخر‬       ‫على الكيفية التي توصل بها‬
   ‫غير صالح‪ ،‬فالآخرون‬        ‫في وعي الأنا الشاعرة‪ ،‬وأن‬       ‫سويف إلى نتائجه النهائية‪،‬‬
‫منغمسون في الفساد وهو‬         ‫هذا الحضور يعكس رغبة‬           ‫ينبغي أن نرتد نحن أي ًضا‪،‬‬
  ‫المصلح الذي سيعمم ما‬        ‫دفينة في القرب من الآخر‪،‬‬     ‫فيما يشبه تقنية الفلاش باك‪،‬‬
‫يرى من موجبات للصلاح‬          ‫ومن الانخراط في المجتمع‪،‬‬
‫فيؤلف بين الجميع في جو‬                                                ‫إلى بداية التحليل‪.‬‬
                                ‫رغم فساده‪ ،‬والعمل على‬          ‫من خلال النصوص التي‬
      ‫صالح»‪( .‬ص‪)١٤٥‬‬             ‫إصلاحه‪ .‬يتضح ذلك في‬
    ‫ومن خلال وجه آخر‬             ‫النص الثالث‪ ،‬الذي علق‬          ‫أوردها سويف للشاعر‬
  ‫من أوجه علاقة الشاعر‬                                     ‫شلي‪ ،‬استطاع أن يكشف عن‬
    ‫بالمجتمع تأتي مسألة‬              ‫عليه سويف قائ ًل‪:‬‬
    ‫«الشهرة» التي يسعى‬            ‫«‪ ..‬فهو يتصل بحركة‬          ‫الرابطة العميقة التي تربط‬
 ‫إليها المبدع‪ ،‬والتي تحقق‬          ‫الشاعر نحو الآخرين‬          ‫الشاعر بالمجتمع‪ ،‬وتفسر‬
    ‫له المكانة وتضفي على‬     ‫ليؤلف بينهم وبينه في نحن‪،‬‬       ‫المدي الكبير لحاجة الشاعر‬
  ‫إبداعاته المشروعية‪ .‬ولا‬      ‫ويتضح ذلك من قوله إنه‬       ‫للمجتمع‪ ،‬ففي أحد النصوص‬
     ‫يخفى أهمية الشهرة‬         ‫يحمل بين جوانحه شهوة‬            ‫يعبّر شلي عن غضبه من‬
                               ‫لإصلاح العالم‪ ،‬أي لتغيير‬        ‫الاضطهاد‪ ،‬لأن المضطهد‬
                                                              ‫يسيء إلى من لا يرغب في‬
                                                           ‫إساءته‪ ،‬ويفهم سويف النص‬
                                                            ‫على أنه «محاولة من الشاعر‬
                                                           ‫لأن يقرب الآخرين منه‪ ،‬ومن‬

                                                                    ‫أعماقه»‪( .‬ص‪)١٤٤‬‬
                                                             ‫وفي نص ثان يتبدى رفض‬
                                                              ‫الشاعر لسماع بعض آراء‬

                                                               ‫الآخرين في شعره خو ًفا‬
                                                             ‫من أن تشغله عن مواصلة‬
                                                           ‫الإبداع‪ ،‬ويرى سويف أن هذا‬
                                                            ‫السلوك يعكس اهتما ًما بال ًغا‬
                                                               ‫برأي الآخرين في شعره‪.‬‬

                                                                ‫ويبدو للوهلة الأولى أن‬
                                                               ‫تحليل سويف لنصوص‬
                                                             ‫شلي تأتي مخالفة لما توحي‬
                                                            ‫به‪ ،‬لأن الشعور بالاضطهاد‬
                                                              ‫من ناحية‪ ،‬ورفض سماع‬
   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234