Page 41 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 41

‫‪39‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

                                           ‫د‪.‬رشيد وديجى‬

                                                              ‫(المغرب)‬

    ‫الملامح الشعرية في لغة‬

                   ‫السرد الحديث‬

  ‫الرواية جنس أدبي ذو طبيعة شديدة الاختلاف عن الأجناس الأدبية‬
‫الأخرى‪ ،‬إنه جنس يميل إلى الطابع التركيبي‪ ،‬ويستفيد من كل الفنون‬

     ‫والخطابات الأخرى‪ ،‬ويستقطب مجموعة من الأصوات الاجتماعية‬
 ‫واللهجات ومختلف لغات الفئات الاجتماعية الموجودة في الواقع‪ ،‬بل‬
‫حتى تلك التي لا يعترف بها على المستوى الرسمي‪ ،‬ما يجعل الرواية‬
‫جن ًسا أدب ًّيا غير مكتمل‪ ،‬كما يمكنها من أن تعكس لنا عال ًما أكثر اتسا ًعا‬

                          ‫وتعقي ًدا ليس بإمكان لغة واحدة أن تعكسه‪.‬‬

     ‫ولما كان أي حديث عن لغة الرواية لا يكتمل إلا‬   ‫تشكل اللغة في الإبداع الأدبي عامة‪ ،‬وفي الخطاب‬
‫بضرورة الإشارة إلى تلك الجهود النقدية التي قدمها‬
‫النقد الروائي على المستويين النظري والتطبيقي‪ ،‬وفي‬      ‫الروائي على وجه الخصوص مكانة هامة‪ ،‬بل إن‬
                                                   ‫الرواية لا تكتسب قيمتها وتميزها عن باقي الأجناس‬
  ‫هذا السياق المتعلق بالتعدد اللغوي‪ ،‬نستحضر تلك‬
 ‫الجهود النقدية التي بلورها الناقد والمنظر الروسي‬    ‫الأدبية الأخرى‪ ،‬إلا في إطار التصور النظري العام‬
                                                    ‫للغتها من خلال الاهتمام بعملية التشخيص اللغوي‬
          ‫ميخائيل باختين في مجال اللغة الروائية‪.‬‬
                                                       ‫وبمختلف البناءات السردية‪ ،‬وما تتوفر عليه من‬
       ‫‪ -1‬كسر مطلقية الأحادية‬                                                          ‫خصوصية‪.‬‬
         ‫اللغوية والصوتية‪:‬‬
                                                   ‫ومن هنا تكون اللغة هي الأداة الأساسية في التشكيل‬
  ‫لا شك أن للتعدد اللغوي والصوتي وظائف عديدة‬          ‫الفني للرواية‪ ،‬والوجه المعبر عن أدبيتها وهويتها‬
       ‫داخل الرواية‪ ،‬تأتي في طليعتها كسر مطلقية‬
                                                    ‫التي لا تتجسد إلا بواسطة اللغة ومن خلالها‪ ،‬وهي‬
  ‫الأحادية اللغوية والصوتية التي كانت سائدة مند‬         ‫على المستوى الداخلي للنص الروائي تلعب دو ًرا‬
   ‫القديم في النصوص الروائية‪« ،‬فمند القديم كانت‬
    ‫هناك نصوص نثرية تعاكس مركزة حياة اللغة‪،‬‬          ‫مه ًّما في تشخيص التيمات‪ ،‬واستنطاق الشخوص‪،‬‬
 ‫وتخالف اتجاه قوى توحيد الأيديولوجيات اللفظية‪،‬‬     ‫ورسم الأزمنة والفضاءات‪ ..‬كما أنها تأتلف مع بقية‬
                                                    ‫العناصر الروائية لإبداع عالم منسجم على المستوى‬
       ‫وتعمل على إيجاد كثرة لسانية تترجم الوعي‬
                                                       ‫البنائي‪ ،‬والسردي‪ ،‬والأسلوبي‪ ،‬وما إلى ذلك من‬
                                                                                        ‫مستويات‪.‬‬
   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46