Page 86 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 86

‫العـدد ‪33‬‬   ‫‪84‬‬

                                                           ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬

     ‫ولذا سأقدم لك مكافأة تعوضك عن أنيابك المنزوعة‪،‬‬                                        ‫اسمها واسم أبيها‪.‬‬
    ‫سأدللك من الآن فصاع ًدا باسم حمودة‪ ،‬نحن سنلتقي‬            ‫كأنها لاحظت شرودي خلف جملتها المفاجئة‪ ،‬فباغتتني‬

       ‫كثي ًرا‪ ،‬لقد أصبحنا صديقين‪ ،‬قل لي ما هو برجك؟‬                                   ‫مادة يمينها وهي تقول‪:‬‬
                                   ‫ابتسمت وقلت‪:‬‬              ‫‪ -‬أقدم لك نفسي‪ ،‬أمل يحيي الغريب‪ ،‬مهندسة معمارية‬
                                                             ‫وزميلة لحضرتك في فرع منسي يقع على تخوم صحراء‬
‫‪ -‬أنا لا أهتم بهذه المسألة‪ ،‬أعرف تاريخ ميلادي طب ًعا‪ ،‬لكن‬     ‫مدينة نصر‪ ،‬آنسة وأفكر في الزواج‪ ،‬ملفوفة القوام كما‬
                                  ‫لا أعرف برجي‪.‬‬              ‫ترى‪ ،‬أجيد الطبخ وأقدس الحياة الأسرية‪ ،‬لا أهوى جمع‬

                              ‫بدهشة صادقة قالت‪:‬‬                  ‫الطوابع ولا المراسلة ولا تربية الحيوانات الأليفة أو‬
                       ‫‪ -‬عجيب‪ ،‬ما هو يوم ميلادك؟‬           ‫المتوحشة‪ ،‬أحب القراءة الحرة وسماع التواشيح‪ ،‬ها‪ ،‬كدت‬
                                                           ‫أنسى الإشارة إلى أنني من مواليد برج الجوزاء‪ ،‬وهو برج‬
                                          ‫أجبت‪:‬‬
                              ‫‪ -‬أواخر شهر يناير‪.‬‬                             ‫ابن شياطين‪ ،‬أبعد الله عنك شروره‪.‬‬
                      ‫بأسى حقيقي تنهدت ثم قالت‪:‬‬              ‫التقت يدانا في مصافحة حارة‪ ،‬ولقد لاحظ ُت أن قبضتها‬
           ‫‪ -‬الدلو! ليس أسوأ من الجوزاء سوى الدلو!‬
                    ‫تعجبت من أساها الحقيقي وقلت‪:‬‬                            ‫قوية لا تزعم النعومة شأن الآنسات‪.‬‬
                     ‫‪ -‬هذا كلام فارغ‪ ،‬لا يعني شيئًا‪.‬‬           ‫وهي تصافحني أو بالأحرى تقبض على يمني‪ ،‬أطلقت‬
                    ‫توقفت عن السير غاضبة وقالت‪:‬‬
    ‫‪ -‬أرجوك‪ ،‬لا تس ّفه شيئًا لأنك لا تعرف أسراره‪ ،‬رأيك‬                   ‫ضحكتها الثانية في تاريخ علاقتنا وقالت‪:‬‬
‫أغضبني ولذا سأحرمك من مكافأة إضافية كنت سأقدمها‬                              ‫‪ -‬اعترف! لقد أربكتك قوة قبضتي‪.‬‬
                                                                                     ‫ثم أطلقت الضحكة الثالثة‪.‬‬
                                            ‫لك‪.‬‬
   ‫بدون وعي وبعفوية الصداقات العريقة لمست كتفها في‬                ‫ضحكة أمل لا ُتسمع إنها تذاق‪ ،‬وقد يمر بك مذاق‬
                                                               ‫ضحكتها مرة في حياتك فلا تنساه أب ًدا‪ ،‬وقد لا تذوقه‬
                                      ‫حنان قائ ًل‪:‬‬
       ‫‪ -‬أعتذر يا نص‪ ،‬أرجو ِك لا تحرميني من المكافأة‪.‬‬                    ‫فتظل جاه ًل بنعمة كبرى من نعم الحياة‪.‬‬
    ‫أطلقت الضحكة الخامسة في تاريخ علاقتنا ثم سكت ْت‬                ‫لوحت بيمينها أمام وجهي وهي تصيح في فرح‪:‬‬
                                                           ‫‪ -‬ها‪ ،‬أين ذهبت؟ ق ّدم لي نفسك‪ ،‬فأنا لا أعرف حتى اسمك‪.‬‬
                             ‫لحظة وبعدها سألتني‪:‬‬
             ‫‪ -‬هل تحب الغناء ح ًّقا؟ تجيد تذوقه يعني؟‬                                                 ‫قلت‪:‬‬
                                                           ‫‪ -‬أنا محمود طه رجب‪ ،‬مهندس معماري وزميل حضرتك‪،‬‬
                                    ‫قلت ببساطة‪:‬‬
                                     ‫‪ -‬أزعم ذلك‪.‬‬                 ‫وأعمل في المقر الرئيسي الذي على النيل‪ ،‬أحب البناء‬
                         ‫هزت رأسها معجبة وقالت‪:‬‬              ‫والقراءة والغناء ثم لا شيء آخر‪ ،‬لا أفكر في الزواج‪ ،‬ولا‬
   ‫‪ -‬يعجبني هؤلاء الذين لا يدعون امتلاك اليقين‪ ،‬الغناء‬
  ‫إحدى مشاكلي الخاصة‪ ،‬أنا أغني لكي أثبت لنفسي أنني‬                                      ‫أقدس شيئًا سوى الله‪.‬‬
 ‫على قيد الحياة‪ ،‬استمعت للجميع‪ ،‬وأحببتهم جمي ًعا‪ ،‬بداية‬     ‫انتبه ُت إلى أننا نسير متجاورين بألفة الصداقات العريقة‪،‬‬
   ‫من سي عبده الحامولي وصو ًل لسي عمرو دياب‪ ،‬هذا‬             ‫كنا قد ابتعدنا عن الفندق ونسير في شارع نظيف بدون‬
    ‫الولد ستكون له بصمته‪ ،‬هناك بنت اسمها أنغام لعلك‬
  ‫استمعت إليها‪ ،‬صوتها عربي أصيل وأزعم أنها تحس ما‬                                                    ‫هدف‪.‬‬
   ‫تغنيه‪ ،‬ينقصها فقط زيادة وزنها كيلو جرامات وعملية‬                                                  ‫قالت‪:‬‬
       ‫تقويم لأسنانها‪ ،‬تكوينها الطفولي يفقدها كثي ًرا من‬       ‫‪ -‬اسمك جيد وله صيغ تدليل كثيرة‪ ،‬اسمي أنا ممل‪،‬‬
    ‫المصداقية‪ ،‬عندما تصبح أنثى ناضجة ستحقق شعبية‬             ‫أبي يدللني ويطلق عليَّ لقب «النص»؛ فهو يراني قصيرة‬
                                                             ‫مقارنة بأمي‪ ،‬للحقيقة أمي سيدة عملاقة‪ ،‬هل أنا قصيرة‬
                                         ‫خرافية‪.‬‬                                                      ‫ح ًّقا؟‬
                                 ‫قاطعتها ضاح ًكا‪:‬‬           ‫ضحك ُت لأغطي دهشتي من جرأتها وتدافع كلامها وقلت‪:‬‬
 ‫‪ -‬نحن نسير في الشارع ولسنا في محاضرة موسيقي يا‬                 ‫‪ -‬أنت سيدة كاملة ولست نص ًفا بحال من الأحوال‪.‬‬
                                                                  ‫أطلقت الضحكة الرابعة في تاريخ علاقتنا ثم قالت‪:‬‬
                                                              ‫‪ -‬أنت مغازل طيب‪ ،‬أعني مغازل وديع منزوع الأنياب‪،‬‬
   81   82   83   84   85   86   87   88   89   90   91