Page 97 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 97

‫‪95‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

  ‫غريبة وخط سيئ‪ ،‬قرأها بصوت خفيض ولم أفهم‬
   ‫شيئًا‪ ،‬ثم فعصها بين أصابعه ورماها‪ :‬أمك عادت‬
‫إلى نبعها‪ ،‬عائلتها القوقازية‪ ،‬قال وهو يضع يده على‬
‫كتفي‪ ،‬في هذه اللحظة بالذات لم يكن يستطيع تحريك‬
    ‫قدمه فوق الأرض‪ ،‬وأحسست أنه يقاوم شيئًا لا‬

                                         ‫أعرفه‪.‬‬

    ‫***‬

‫في الوقت الذي كانت تبزغ فيه شمسي‪ ،‬كانت شمس‬
     ‫أبي تذوي‪ ،‬أيام طويلة أمضاها مري ًضا‪ ،‬ألمَّت به‬

   ‫ُح َّمى غريبة‪ ،‬في البداية‪ ،‬أصيب بتع ّرق شديد‪ ،‬بعد‬
 ‫أيام طفحت فروة رأسه بالبثور‪ ،‬سرعان ما صارت‬
‫طرية كالعجين‪ ،‬وظهرت ديدان صغيرة بين شعيراته‬
‫الخفيفة‪ ،‬كان غريبًا أن يموت جزء من إنسان وهو لا‬

                            ‫يزال على قيد الحياة‪.‬‬
   ‫لا أعرف لماذا جعلني أقيس ملابسه‪ ،‬وجعل يعدد‬
‫مقتنياته الشخصية أمامي بصو ٍت عا ٍل‪ ،‬مسألة وقت‬

                   ‫فقط وعرف ُت لماذا فعل أبي ذلك‪.‬‬
           ‫«قالت لي الأعرابية وأنا أرعى الخراف»‪.‬‬

                         ‫«ماذا قالت لك يا أبي؟»‪.‬‬
      ‫تن َّهد وأخذ يتحسس رأسه الطري‪ ،‬سيخلفني‬
     ‫حفيد‪ ،‬قالت إن اسمه ناجي‪ ،‬سيكون ابنًا لولدك‬
‫بيرلسكوف‪ ،‬لا أدري من أين عرف ْت اسمك‪ ،‬وفكر ُت‪،‬‬

          ‫كيف سيكون لك ابن بهذا الاسم الغريب؟‬
   ‫ظل أبي على هذه الحال المؤسفة حتى استدعينا له‬
   ‫طبيبًا من العاصمة‪ ،‬صنع له مخلو ًطا من أعشاب‬

     ‫تشبه أرجل الحيوانات‪ ،‬قال إنه تعلم سرها من‬
    ‫أعرابي زار بلادنا منذ زمن بعيد‪ ،‬ه َّم َد ْت الخلطة‬
‫الوجع بشكل مؤقت‪ ،‬فسرعان ما ظهرت بثور حمراء‬
    ‫في عنق أبي وكفيه‪ ،‬في ميعاد وضع الخلطة فوق‬

               ‫رأسه‪ ،‬ذات صباح‪ ،‬لم أجده بالبيت‪.‬‬
    ‫غاب عدة أيام في بلدة أمي الكردية‪ ،‬ثم عاد وهو‬
 ‫يحمل طاوو ًسا جمي ًل‪ ،‬قال لي وهو في شبه هذيان‪:‬‬
 ‫الحل أمامنا على الأرض وكنا نبحث عنه في السماء‪،‬‬
    ‫الطاووس ملك‪ .‬لم أعد أفهم شيئًا من كلامه‪ ،‬قام‬
  ‫بوضع ملكه الجديد في قن الدجاج‪ ،‬ثم أخذ يلاعبه‬

                            ‫ويعزف له على الناي‪.‬‬
   ‫حبس نفسه بعد ذلك في غرفته لثلاثة أيام سو ًّيا‪،‬‬
   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102