Page 133 - merit 51
P. 133

‫تجديد الخطاب ‪1 3 1‬‬                 ‫إذا عجزت ثقافة ما عن إنتاج قيم‬        ‫الانحراف والإجرام وهيمنة‬
                                   ‫قابلة للتطبيق وتشبثت بمفاهيمها‬        ‫الخطاب الأخلاقي والديني‪،‬‬
  ‫لغة منفصلة عن واقعها لا تنقل‬      ‫اللغوية‪ ،‬فإن تلك المفاهيم تصبح‬     ‫وهي هوة نلاحظها أي ًضا بين‬
 ‫منه إلا ظاهره دون سبر أغواره‪،‬‬                                         ‫النظريات والعلوم التي تدرس‬
                                      ‫فاقدة لكل معنى‪ ،‬باعتبارها لا‬     ‫في المدارس والجامعات ومدى‬
      ‫عزوفنا عن التأسيس لرؤية‬          ‫تدخل حيز الفعل ولا تندمج‬       ‫تطبيقها أو الاستفادة منها‪ ،‬بين‬
   ‫علمية للعالم‪ ،‬تتجاوز اللغة مثل‬                                   ‫الخطاب السياسي المتعلق بحقوق‬
 ‫تطوير النظريات في مجال العلوم‬       ‫في الواقع للتفاعل معه وإحداث‬       ‫الفرد السياسية والاقتصادية‬
  ‫الطبيعية والصحيحة ثم السعي‬                    ‫التغييرات اللازمة‪.‬‬      ‫والاجتماعية وتهميش الفئات‬
 ‫إلى تطبيقها لمعرفة مدى صحتها‪.‬‬                                             ‫الفقيرة وحرمانها من تلك‬
                                      ‫والنتائج المترتبة عن ذلك‪ ،‬هو‬
     ‫ومع ذلك‪ ،‬علينا أن نشير إلى‬       ‫عجزنا عن إدراك لذلك الواقع‬                           ‫الحقوق‪.‬‬
    ‫أن الهوة الفاصلة بين الجانب‬    ‫وسوء فهمه وعدم الاستفادة من‬        ‫كل هذه العوامل تفسر لنا ذلك‬
     ‫النظري والتطبيقي في تاريخ‬        ‫التجارب السابقة‪ ،‬إعادة إنتاج‬     ‫الانفصام الذي نعيشه بين ما‬
                                                                     ‫هو فعل وسلوك وما هو خطاب‬
       ‫الفكر الإنساني وبين اللغة‬
 ‫والتجربة؛ أي بين القول والفعل‪،‬‬                                            ‫وقول‪ ،‬حتى عند ممارسة‬
  ‫ليست حك ًرا على الثقافة العربية‬                                      ‫الطقوس الدينية‪ ،‬مثل الصيام‬
                                                                       ‫الذي يهدف إلى تهذيب النفس‬
   ‫الإسلامية‪ ،‬بل هي موجودة في‬                                          ‫وجعلها تتحرر من قيود المادة‬
   ‫كل الثقافات بدرجات متفاوتة‪،‬‬                                         ‫ومن الشهوات‪ ،‬وذلك بارتفاع‬
   ‫يبقى أن تقديرها متصل بمدى‬
‫ارتباطهما العضوي أو انفصالهما‬                                             ‫ظاهرة العنف وكذلك نسبة‬
                                                                            ‫استهلاك المواد الغذائية‪.‬‬
                ‫الكلي أو الجزئي‪.‬‬
       ‫لذلك علينا التفكير في قيمة‬                                   ‫فما هي القيم والمعاني التي يمكن‬
‫التجربة‪ ،‬أي فيما هو فعل وإنجاز‪،‬‬                                        ‫أن تنتجها ثقافة ما في صورة‬
  ‫أن لا نكتفي بما تمنحه اللغة من‬
‫إمكانيات‪ ،‬لأنها إذا ما انفصلت عن‬                                    ‫انفصال اللغة عن التجربة باعتبار‬
 ‫التجربة والإنجاز‪ ،‬أضحت فاقدة‬                                         ‫أن الأولى هي المصدر الأساسي‬
 ‫للجزء الأكبر من معانيها ولم تعد‬                                                          ‫للحقيقة؟‬

                 ‫متصلة بالواقع‬

                                                                     ‫هوامش‪:‬‬

                                                                             ‫‪ -1‬لسان العرب‪ ،‬الرابط‪ :‬فعل جرب‬
‫‪http//:wiki.dorar-aliraq.net/lisan-‬‬
‫‪alrab/%D8%AC%D8%B1%D8%A8‬‬

    ‫‪ -2‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في اللغة والأدب العربي‪ ،‬عن جامعة تلمسان‪ ،‬كلية الآداب واللغات‪ ،‬الجمهورية‬
  ‫الجزائرية‪ ،‬بعنوان‪ :‬الدرس اللساني بين فرديناند دي سوسير وهلمسلف‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الصفحة ‪ ،35‬إعداد ابتسام‬

                                                ‫صمود إشراف آمال بناصر‪ ،‬العام الجامعي ‪ .2019 -2018‬الرابط‪:‬‬
‫‪http://dspace.univ-tlemcen.dz/bitstream/112/15426/1/Hamoude-Ibtissame.pdf‬‬

                                                                                             ‫‪ -3‬المصدر نفسه‪.‬‬
   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138