Page 136 - merit 51
P. 136

‫(الشيوعيين الكفرة) أعداء الدين‪.‬‬      ‫الأجيال التي ولدت في الغرب من أبناء‬
     ‫ودعم الغرب لهذه الجماعات‬         ‫هؤلاء المسلمين في بلد مثل فرنسا أو‬
                                      ‫ألمانيا أو إنجلترا أو أمريكا سيتحدثون‬
   ‫سياسيًّا واقتصاد ًّيا وعسكر ًّيا‪،‬‬   ‫لغة واحدة هي لغة البلد الذي نشأوا‬
 ‫لينمو كائن انكوى بناره الجميع‪.‬‬       ‫فيه‪ ،‬توحدهم وتسهل التخاطب فيما‬

      ‫إن حصر الغرب هوية هذه‬                ‫بينهم‪ .‬وكذلك فإن حالة الانعزال‬
‫الشعوب التي تعامل معها على أنها‬       ‫التي يعيشون فيها‪ ،‬في مجتمعاتهم‬
‫محصورة في كونهم مسلمين‪ ،‬هو‬
‫حصر تقبلته وبلعته هذه الشعوب‬               ‫الجديدة تخلق لهم هوية واحدة‪،‬‬
                                            ‫ليست باختيارهم‪ ،‬ولكن يفرضها‬
    ‫دون تفكير أو نقد‪ ،‬وبنت هذه‬           ‫عليهم مجتمعهم الجديد‪ ،‬كونهم‬
 ‫الشعوب مواجهاتها مع الغرب في‬              ‫ليسوا من سلالة‪ ‬السكان‪ ‬البيض‪.‬‬
  ‫الغالب على أن هويتهم ُمختصرة‬
                                          ‫محصورة في كونهم مسلمين‪.‬‬           ‫من أبناء هؤلاء المسلمين في بلد‬
             ‫في كونهم مسلمين‪.‬‬          ‫وتصبح هذه المجتمعات هي مولِّد‬         ‫مثل فرنسا أو ألمانيا أو إنجلترا‬
  ‫مما جعل مفهوم الإسلام كمظلة‬                                              ‫أو أمريكا سيتحدثون لغة واحدة‬
                                           ‫كبير لمفاهيم الأسلمة كهوية‪.‬‬       ‫هي لغة البلد الذي نشأوا فيه‪،‬‬
       ‫تتوحد تحتها هذه الملايين‬       ‫المولِّد الآخر لعمليات سبك الأسلمة‬    ‫توحدهم وتسهل التخاطب فيما‬
    ‫الكثيرة من البشر في مواجهة‬                                             ‫بينهم‪ .‬وكذلك فإن حالة الانعزال‬
      ‫الغرب الاستعماري‪ ،‬فتغذى‬           ‫يحدث في تجمعات العمال الذين‬       ‫التي يعيشون فيها‪ ،‬في مجتمعاتهم‬
    ‫تصور الإسلام‪ :‬كمطلق ثابت‬               ‫تجمعوا في بلاد الخليج حول‬       ‫الجديدة تخلق لهم هوية واحدة‪،‬‬
   ‫نقي منعزل عن الزمان والمكان‬              ‫ثروات البترول من كل بلاد‬      ‫ليست باختيارهم‪ ،‬ولكن يفرضها‬
  ‫لا يتغير والذي تم اختصاره في‬                                              ‫عليهم مجتمعهم الجديد‪ ،‬كونهم‬
 ‫«الشريعة»‪ .‬هذا المفهوم للإسلام‬        ‫المسلمين‪ .‬ليصبح الخليج بأموال‬      ‫ليسوا من سلالة السكان البيض‪.‬‬
‫يأخذ مساحات أكبر مع كل هزيمة‬             ‫بتروله؛ والغرب بالهجرات إليه‬      ‫فهم قد انقطعت صلاتهم اليومية‬
   ‫يشهدها المجتمع‪ ،‬من مساحات‬             ‫وبالعنصرية ضد المهاجرين في‬        ‫التي كانت لآبائهم الذي هاجروا‬
 ‫تصور الآخر للإسلام الذي يرى‬                                               ‫كمصريين أو أتراك أو نيجيريين‬
  ‫أن بالإسلام‪ :‬ثوابت ومتغيرات‪،‬‬        ‫الحالتين‪ ،‬هو أكبر وقود للأسلمة‪،‬‬
 ‫والثوابت يمكن إعادة فهمها طب ًقا‬              ‫في النصف قرن الأخير‪.‬‬             ‫أو مغاربة‪ .‬وهويتهم ليست‬
                                                                             ‫هي هوية فرنسية أو إنجليزية‬
               ‫لمتغيرات عصرنا‪.‬‬             ‫الجانب الآخر الذي ساهم به‬          ‫أو أمريكية (خالصة)‪ .‬وحتى‬
  ‫ليصبح الإسلام هو كل ما يفيد‬             ‫الغرب وكان لأهداف سياسية‬            ‫حين يعودون إلى بلاد آبائهم‬
  ‫في الحركة وفي المقاومة‪ ،‬والفعل‪،‬‬
 ‫وليس الإسلام هو كل ما يرسخ‬                 ‫مباشرة هو مساندة وتغذية‬             ‫فسيكونون أجانب‪ .‬فتصبح‬
    ‫النظر والاعتبار والتدبر‪ .‬ويتم‬           ‫الجماعات الأصولية الدينية‬       ‫هوياتهم في مجتمعاتهم الغربية‬
‫إعلاء تصور أنه كلما كنا مسلمين‬               ‫الرافعة لشعار الإسلام في‬
                                           ‫صراعات الغرب مع معسكر‬
     ‫حقيقيين كما كان النبي عليه‬             ‫الاتحاد السوفييتي‪ ،‬كاتحاد‬
  ‫السلام والمسلمين الأوائل‪ ،‬كلما‬      ‫المؤمنين مسلمين ومسيحيين ضد‬
   ‫فتحنا الدنيا وكنا سادة العالم‪،‬‬

      ‫وأساتذته للبشرية‪ .‬وأصبح‬
‫للغرب دور بصورة مباشرة وغير‬

  ‫مباشر في تغذية هذه «الأصولية‬
                    ‫الإسلامية»‪.‬‬
                      ‫والله أعلم‬
   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141