Page 143 - merit 51
P. 143

‫حول العالم ‪1 4 1‬‬

    ‫والكلمة إلى اليوم؛ ومثلما‬        ‫المعنى المراد‪ .‬وكان لنظرية‬        ‫لم يقف عند حدود الجدل‬
   ‫تتمسك السلطة في خطابها‬               ‫النظم في معجزة القرآن‬            ‫الكلامي‪ ،‬بل تعدى ذلك‬
‫السائد بحق السيادة والقيادة‬            ‫البلاغية لديهم (المعتزلة)‬
  ‫كسلطة قابضة؛ وتتنقل هذه‬                                          ‫السلطة وعنفها في أول تكوين‬
                                   ‫ومخالفتهم الصريحة لمفهوم‬         ‫سياسي لموقف تتبناه السلطة‬
      ‫الآلية إلى حقل نصوص‬              ‫معجزة (القرآن الكريم)‬         ‫وتعمل على تقويته بإخضاع‬
 ‫المعرفة‪ ،‬فغالب الإنتاج المعرفي‬       ‫البيانية إلى تبنيهم لمفهوم‬    ‫خصومه بسيف السلطة متى‬
  ‫لا تنتجه السلطة لكنها تعمل‬                                         ‫ما عجزت الحجة في الإقناع‪.‬‬
‫على الإحاطة به‪ ،‬وبالتالي تق ِّوم‬     ‫الصرفة وليس لغة الكتاب‪،‬‬
                                  ‫تعد أولى المحاولات في مساءلة‬          ‫والحديث عن الترجمة لا‬
  ‫مدى درجة تأثيره في دائرة‬        ‫النص الديني بعي ًدا عن السائد‬     ‫يتعدى هذا الموقف التاريخي‪،‬‬
     ‫نفوذها‪ .‬ومن جانب آخر‬                                            ‫أي موقف المعتزلة في القرن‬
                                      ‫أو مخالفة لآراء الجمهور‬        ‫السادس الهجري‪ ،‬وكيف أن‬
  ‫فإن للنصوص سلطتها التي‬           ‫بالمعني الفقهي‪ .‬وهذا الموقف‬       ‫ما عرف بمحنة خلق القرآن‬
    ‫لا تنازع‪ ،‬وإن اختلفت عن‬                                        ‫بين أن يكون (القرآن) مخلو ًقا‬
   ‫سلطة الحاكم في الممارسة‪،‬‬          ‫هو ما يكاد شكل ما عرف‬         ‫أم كلام الله‪ ،‬وكل ما جرى من‬
  ‫ولكنها لا تختلف في رؤيتها‬       ‫بذهنية التحريم كما في كتابات‬
                                                                      ‫تداعيات في المشهد الدرامي‬
  ‫في الإخضاع في موازاة قهر‬           ‫المفكرين المحدثين كصادق‬       ‫الذي انتهت إليه فصول المحنة‪،‬‬
 ‫الرعية أو محاكمة النصوص‪.‬‬                        ‫جلال العظم‪.‬‬        ‫ومن ثم استتب الأمر للاتجاه‬
‫والترجمة من الحقول المعرفية‬
 ‫التي طالتها أو وقفت بوجهها‬            ‫وتدرك السلطة في البيئة‬          ‫الأشعري‪ ،‬وتوقف التفكير‬
                                      ‫العربية أهمية المدافعة عن‬       ‫العقلي ‪-‬برأي البعض‪ -‬منذ‬
   ‫السلطة على مدى استمرار‬            ‫نصوص بعينها وأثرها في‬           ‫ذلك الوقت في العقل العربي‬
‫الصراع بصيغته المعروفة بين‬        ‫الواقع الثقافي‪ ،‬وبالتالي منع ما‬
                                  ‫يهدد سلطانها ليتجدد الرصد‬               ‫الفلسفي‪ .‬ولم يبق غير‬
            ‫السلطة والمثقف‪.‬‬         ‫السلطوي في أطوار السلطة‬             ‫النصوص المكتوبة‪ ،‬وبين‬
                                   ‫المختلفة وأشكال مؤسساتها‪،‬‬          ‫شرعية ترجمتها واستحالة‬
   ‫ترجمة القرآن‬                     ‫ولكن بقيت النصوص وحق‬            ‫تداولها نصو ًصا إلا في حدود‬
                                    ‫تفسيرها بيد السلطة أو من‬         ‫شروحات مفرداتها لإيصال‬
     ‫والاقتراب من الكتابة في‬           ‫يمثلونها في دائرة النص‬
      ‫القرآن لم يتوقف عندها‬
   ‫معتنقيه من‬
      ‫المسلمين‬
     ‫باختلاف‬

        ‫لغاتهم‬
     ‫وأصولهم‬
‫العرقية السابقة‬
      ‫لدخولهم‬
   ‫الإسلام‪ ،‬بل‬
  ‫نجد أن كثي ًرا‬
  ‫من الغربيين‬
   ‫منذ عصور‬
   ‫بعيدة كتبوا‬
      ‫دراسات‬
   138   139   140   141   142   143   144   145   146   147   148